كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فإن تجمّع أوتاد وأعمدة ... وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهّالهم سادوا
تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت ... فإن تولّت فبالأشرار تنقاد
إذا تولّى سراة القوم أمرهم ... نما على ذاك أمر القوم فازدادوا
أمارة الغيّ أن تلقى الجميع لدى ال ... إبرام للأمر والأذناب أكتاد
حان الرحيل إلى قوم وإن بعدوا ... فيهم صلاح لمرتاد وإرشاد
فسوف أجعل بعد الأرض دونكم ... وإن دنت رحم منكم وميلاد
إنّ النّجاء إذا ما كنت في نفر ... من أجّة الغيّ إبعاد فإبعاد
والخير تزداد منه ما لقيت به ... والشرّ يكفيك منه قلّ ما زاد
«496» - قال صالح بن عليّ الهاشميّ: حضرت مجلس المهتدي وهو ينظر في المظالم، فجعلت أنظر إلى المتظلّمين، القويّ والضعيف، والشريف والوضيع، منهم ما تقرأ قصّته عليه حتى تستوفى ثم يأمر بالتوقيع فيها بما يرى، لا يعدل عن الحقّ والإنصاف، وما فيه للمتظلّم المقنع وزيادة؛ فينشأ الكتاب على التوقيع من ساعته، ويحرّر ويعلّم عليه، ويردّ إليه فيختمه، ويدفع إلى صاحبه. فأعجبني ذلك جدّا، ورأيت شيئا حسنا لم أره قبله. وجعلت أنظر إليه، ففطن لذلك ونظر إليّ، ثم صرف بصره عنّي، فنظرت، فنظر، حتى كان ذلك ثلاث مرّات. ثم قال لي:
يا صالح، فقمت وقلت: لبّيك يا أمير المؤمنين، قال: ادن، فدنوت، فقال: في نفسك منّا شيء تحبّ أن تقوله؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: اجلس، فجلست في موضعي إلى أن قام عن مجلسه وقال لي: لا تبرح صالح بن عليّ.
ودخل فأبطأ عليّ الإذن، ثم أذن لي، فدخلت فوجدته على حصير مصلاه، فدعوت له. فقال: اجلس، فجلست. فقال: يا صالح، تقول ما دار في نفسك أو

الصفحة 251