كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

قال: نعم.
قال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن تحفظ علينا ما يجري، فافعل.
قال الواثق: نعم.
قال الشيخ: يا أحمد، فأخبرني عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لمّا بعثه الله إلى خلقه، ستر عليهم شيئا ممّا أمره الله به في دينهم؟
قال: لا.
قال: أفأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بهذه المقالة؟ فسكت أحمد.
فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، هذه واحدة.
ثم قال الشيخ: يا أحمد، فدع ذا؛ زعمت أنّ الدين لا يكون كاملا حتى يقال فيه بهذه المقالة. فأخبرني عن الله عزّ وجلّ حين أنزل على رسوله صلّى الله عليه وسلم:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
(المائدة: 3) أكان الله تبارك وتعالى الصادق في كماله، أو أنت الصادق في نقصانه؟ فسكت.
فقال الشيخ: يا أحمد، أجب، فسكت. فقال الشيخ: اثنتان يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم.
وقال الشيخ: ودع ذا؛ أتقول إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم علم مقالتك هذه فلم يطالب الأمّة بها لأنّه اتّسع له الإمساك عنها؟
قال أحمد: نعم.
قال: وكذلك أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ بعده؟
قال: نعم.
قال: فترك الشيخ ابن أبي دواد وأقبل بوجهه إلى الواثق فقال: يا أمير المؤمنين، إن لم يتّسع لك من الإمساك عن هذه المقالة ممّا زعم ابن أبي دواد أنّه اتّسع لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، فلا وسّع الله عليك. فضحك الواثق ثم قال: نعم لا وسّع الله عليّ إذن.

الصفحة 253