كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

اعتمادا لأن يبلغ ابن الفرات فعله. فلما ضجر قال: أرسلوا ابن الفاعلة- وعنده أنهم يتوقّفون ولا يفعلون- فأرسلوه ووافى ابن الحجاج إلى الأرض، وكان بدينا ثقيلا سمينا، ووقع على عنق أبي منصور فدقّها، فخرّ على وجهه؛ ووقع ابن الحجاج مغشيّا عليه، فحمل أبو منصور إلى منزله في محمل فمات في الطريق.
وردّ ابن الحجاج إلى محبسه، وقد تخلّص من التلف. وكان الناس يتعجبون من قول ابن الفرات: أريد رجلا لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر يطيعني: أما الطائع له فقد تعجّل الجزاء لوقته، وأما ابن الفرات فأمهل، وكان عاقبة أمره قتله وقتل ولده، واستئصال بيته؛ وما أعدّ الله للظالمين أشدّ وأبقى.
«509» - لما ضرب عليّ- عليه السلام- وأوصى، لحقته غشية، فلما أفاق من غشيته دعا أمامة بنت أبي العاص زوجته- وأمّها زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم- فقال لها: يا أمامة قد أصابني من أمر الله تعالى ما ترين، وكأني بك لو قد حللت قد تزوجت معاوية. فقالت: معاذ الله! إن شئت والله يا أمير المؤمنين حرّمت الرجال على نفسي أبدا. فقال: لا أحبّ ذاك، ولكن أحبّ أن لا تتزوّجي معاوية، وأن تستشيري في أمرك المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وإن خطبك أرى أن تتزوجيه. فقالت: ذاك لك. فلما قبض عليه السلام، وسارت إلى المدينة وقام معاوية، كتب إلى مروان بن الحكم، وكان على المدينة، يأمره أن يخطب أمامة عليه ويعطيها ما أحبّت. فبعث إليها مروان بذلك، فقالت: ما حللت بعد. فأمسك مروان ينتظر حلّها. فلما حلّت بعثت إلى المغيرة بن نوفل تستشيره في ذلك، فقال المغيرة: وما يدخلني في هذا الأمر؟
أمير المؤمنين رجل من بني عبد شمس وأنا رجل من بني هاشم، فما يدخلني

الصفحة 260