كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

بينكم وقد ضربت وجه معاوية أمس بسيفي؟ ثم ما عرض لي بشيء يخالفني.
فأرسلت إليه: إني والله ما ضاق عليّ من أستشيره، ولكن أمير المؤمنين رضي الله عنه أمرني أن أستشيرك، وأمرني إن خطبتنى أن أتزوجك. فأرسل إليها: إني أعيذك بالله أن تستخلفي معاوية بعد عليّ، وأنا أخطبك أشدّ الخطبة. فأرسلت إليه: إن أمري إليك، وأشهدت له على ذلك، فتزوجها.
وبلغ الأمر مروان فغضب، وأرسل إلى المغيرة فحبسه في بيت وطيّن عليه، وأمر أن يدخل إليه طعامه وشرابه من كوّة؛ وفعل مثل ذلك بأمامة؛ وكتب إلى معاوية يخبره الخبر وأنّ المغيرة لم يرض أن ضربك بسيفه فكففت عنه حتى خطب بعد خطبتك بغير إذن ولا سلطان، وإنما حمله على ذلك معرفته بوهنك وضعفك عن عدوّك، فإما صلت به صولة تجعله نكالا لعدوك أو جعلت ذلك إليّ.
فكتب إليه معاوية كتابا وبعث به رسولا وأمره أن لا يفضّه حتى يخرج المغيرة بن نوفل وأمامة من محبسهما، وأمر مروان أن يحضرهما عنده ويحضر عشرين رجلا من قريش وعشرة من الأنصار من خيار من قبله، ثم يأمر الرسول أن يقرأ عليهم الكتاب، ثم ينفّذ ما فيه ولا يتعدّاه إلى غيره. ففعل مروان، فلما اجتمعوا قام رسول معاوية، ففضّ الكتاب وإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى مروان بن الحكم: سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو؛ أما بعد، فقد بلغني ما كتبت به عن [1] المغيرة بن نوفل وما عملته؛ فقد نظرت فيما كتبت فلم يبلغ معاوية أن يحرّم ما أحلّ الله، ولا يحلّ ما حرّم الله؛ ورجل من بني هاشم أفضل من امرأة من بني عبد شمس؛ وأما ما ذكرته من نكاحه بغير وليّ ولا سلطان، فأي وليّ يقدم على تزويجه إياها بعد خطبة أمير المؤمنين؟ ولم
__________
[1] في الأصل: إلى.

الصفحة 261