كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

تصب ولم توفّق في حبسك إياهما، وترويعك لهما؛ فإذا جاءك كتابي فخلّ بينه وبين امرأته، ولا تعارضهما؛ فبارك الله لكلّ منهما في صاحبه، وادفع إلى المغيرة عشرة آلاف دينار من مال أمير المؤمنين يستعين بها على نكاحه، وإلى أمامة خمسة آلاف دينار، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
510- قال عبد الله بن شبرمة القاضي: دخلت على أبي مسلم وفي حجره مصحف، وبين يديه سيف، فقال لي: أنت ابن شبرمة؟ قلت: نعم أصلحك الله؛ فقال: ما هو إلا الملك أو الترهّب، قلت: ما هو إلا الهلاك أو الرحمة.
ودخل عليه وهو يريد المسير إلى قتال عبد الله بن علي عند خروجه على المنصور، فقال له: يا ابن شبرمة، ما يقول الناس في مسيرنا هذا؟ قال:
يقولون: الأمر عظيم يشير إلى عمّ الخليفة مع نجدته وشهامته، ومعه جلّة أهل الشام، وكثير من أهل خراسان.
قال: أفرخ روعك يا ابن شبرمة! والله لو سرت إليهم وفي أيدي أصحابي القصب لهزمتهم، وما أقول هذا بعلم غيب عندي أدّعيه لنفسي، ولكن رأيت الله عذّب أهل العراق بسيف أهل الشام نيّفا وثمانين سنة، ثم أراد أن ينتقم بهم منهم، أفما تكون نقمته إلّا مقدار هذه المدّة؟
«511» - دخل صالح بن عبد الجليل- وكان ناسكا مفوّها- على المهديّ، وسأله أن يأذن له في الكلام. فقال: تكّلم، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّه لمّا سهل لنا ما توعّر على غيرنا من الوصول إليك، قمنا مقام المؤدّي عنهم وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما في أعناقنا من فريضة الأمر والنّهي لانقطاع عذر الكتمان في التقيّة، لا سيّما حين اتّسمت بميسم التواضع، ووعدت الله وحملة كتابه إيثار الحقّ على ما سواه. فجمعنا وإيّاك مشهد من مشاهد التمحيص ليتمّ مؤدّينا على موعود الأداء

الصفحة 262