كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

ابن أبي الشوارب، تقلّد قضاء القضاة للقادر في رجب سنة خمس وأربعمائة، وتوفي في شوال سنة سبع عشرة وأربعمائة، ومولده في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
515- حدّث ابن أبي الخير العبسيّ قال: كنّا مع أبي جعفر المنصور أيّام خرج عليه عمّه عبد الله بن عليّ وهو يحاربه، فخرج علينا أبو الخصيب- وهو إذ ذاك حاجب المنصور- فأدخل جماعة من أصحابه وأنا فيهم، وفينا ابن عطية الثعلبيّ، وكان معروفا بالشجاعة، فتقدّم إلى المنصور، فقال له: يا ابن عطية، قد عرفت بلاء أمير المؤمنين عندك وإحسانه إليك. ثم جفاك أمير المؤمنين جفوة، وأراد أن يعرض عن تلك الجفوة ويستقبل بك الكرامة، فسر في هذا الوجه، فرأي أمير المؤمنين فيك جميل، وادع من أطاعك من قومك، وخذل عن الفاسق من قبل منك، وليأت أمير المؤمنين عنك غناء يأتك منه جزاء. فقال ابن عطية في نفسه: هذا يوم شرفي وهذه مرتبتي، وقد عرفت أنّه لا يستغني عن مثلي، فقال: حوائجي يا أمير المؤمنين، قال: هات حوائجك؛ قال: تبلغ بعطائي الشرف، قال: اكتب يا سليمان، يعني أبا أيوب الموريانيّ، فكتب؛ قال: ويفرض لولدي في شرف العطاء، قال: وماذا؟ قال: ويقضى ديني، قال: وماذا؟ قال: وقطيعة عيالي، قال: نعم، فلما ولّى قال: يا سليمان أنفذ لهذا الأعرابيّ جميع ما سأل، ولا يكون ممّن يستعان به في هذا الوجه، فوالذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة، لو أنّ عبد الله بن عليّ قائم على رأسي بالسيف لا ينجّيني منه إلا هذا الأعرابي، ما استعنت به بعد هذا التسحّب في حوائجه.
«516» - حجّ الرشيد في بعض السنين فمرّ بالرّبذة وعديله الفضل بن الربيع في ليلة طخياء مقمرة، فتقدّما الناس يتحدّثان، وعلى الخيل هرثمة بن أعين،

الصفحة 266