كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

البخاريّ؛ قال لها: هيهات! ما ترينه إلا على سريره، وضرب دابّته. فقالت بالفارسية: فأين الله؟ فسمعها فقال: يا إبراهيم، ما قالت العجوز؟ قلت:
ما أدري أيّها الأمير. قال: ولكني أدري، أحضروها؛ فأحضرت بين يديه وإنّ فرائصها لترعد حتى أوقفت بين يديه. فقال: كيف قلت؟ قالت: ما قلت شيئا، قال: بلى، قولي وليس عليك بأس. قالت: قلت فأين الله؟
قال: صدقت والله، عليّ بابنها. قال: فكأني أنظر إليه وقد جيء به على أعناق الرجال مكبّلا في الحديد. فقال: أطلقوا عنه. فأطلق! وقال لها:
خذيه. ثم التفت إلى الشّعرانيّ فقال: انظر كم لزمها من النفقة منذ حبس ابنها فأضعفه لها، وأعطها ما تتحّمل به إلى بخاري.
«518» - قال مجاهد، قال عمر بن عبد العزيز: ماذا يقول الناس يا مجاهد؟
قلت: يقولون هو مسحور، قال: ما أنا بمسحور، ولكني سقيت السّمّ؛ ثم دعا غلامه، فقال: أعطيت ألف دينار على أن أسقيك السّمّ وأعتق. قال: اذهب لا يراك أحد، والألف اجعلها في بيت المال. وكان لعمر مناد ينادي كلّ يوم: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ وكان يبكي حتى يبلّ لحيته ويقول: يا ربّ، ما جعلني أحقّ هذه الأمة بهذا الأمر؟
519- قال محمود بن الحسن الورّاق: دخلت على أصرم بن حميد، وكان لي صديقا. فلما أردت الانصراف من عنده قام لي وودّعني، فقلت: وأين تقصد؟ قال: أريد الحجّ، فودّعته وانصّرفت. ثم اجتزت ببابه بعد أيّام، فرأيت عليه دوابّ، وخبّرت أنّه حاضر، فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقلت: ألم تخبرني أنّك حاجّ؟ قال: بلى، ولكني فكّرت وقلت: أموت في الطريق ضيعة، ويتولّاني غلماني، ويصلّي عليّ الأعراب؛ فقلت له: ألا أنشدك أبياتا حضرتني وقتي هذا؟ فأنشدته: [من الوافر]

الصفحة 268