كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

أقام عن المسير وقد أثيرت ... ركائبه وغرّد حادياها
وقال: أخاف عاقبة الليالي ... على نفسي، وأن تلقى رداها
فقلت له: عزمت عليك إلا ... بلغت من العزيمة منتهاها
فمن كتبت منيّته بأرض ... فليس يموت في أرض سواها
فقال: يا غلماني، جهّزوني، ثم حجّ ورجع معافى.
«520» - قال معاوية لابنه يزيد: هل بقي في نفسك من النساء شيء؟ قال نعم، هند بنت سهيل بن عمرو، وكانت يومئذ عند عبد الله بن عامر. فكتب معاوية إلى عبد الله: إنّك إن طلّقتها زوّجتك بنتي هندا. قال: فطلّقها ابن عامر، فقدمت المدينة، فأرسل معاوية بأبي هريرة يخطبها على يزيد ابنه ويتلطّف لها في ذلك. قال: فلقيه الحسن فقال: لأمر ما قدمت له يا أبا هريرة، لا وقت حجّ ولا غيره! قال: بعثني معاوية أخطب هندا بنت سهيل بن عمرو على ابنه يزيد. قال:
فإذا ذكرت يزيد فاذكرني لها بعده. قال: فدخل عليها أبو هريرة فأبلغها عن الحسن بن عليّ. فقالت: ما ترى لي يا أبا هريرة؟ قال: أرى أن تتزوّجي الحسن، وإن استطعت أن تضعي فاك حيث رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وضع فاه، فافعلي، فتزوّجت الحسن.
فمكثت عنده، ثم قدم ابن عامر المدينة، فاستأذن الحسن بن عليّ في الدخول عليها وقال: إنّ لي عندها ودائع؛ فأذن له، فدخل عليها فكلّمها، فدمعت عينه وعيناها! فقال له الحسن: إن شئتما كنت لكما خير محلّل؛ قال ابن عامر: لا والله، ما لذاك بكائي. وطلبت إلى ابن عامر أن يدع ابنته منها عندها. وكلّمه الحسن فأجابه، وقال: والله لو غيرك يا أبا محمد من الناس كلّمني ما فعلت.

الصفحة 269