كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

«521» - حدّث الأصمعيّ عن وصيف حاجب المهدي قال: كنا مع المهدي بزبالة وقد خرج حاجّا، فإذا أعرابيّ يقول: يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداك، إني عاشق، (قال الأصمعي: وكان يحبّ ذكر العشّاق) . فدعا بالأعرابي فلما دخل عليه قال: أنت المنادي بالعشق؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. فقال له: ما اسمك؟ قال: أبو ميّاس، قال: يا أبا مياس، من عشيقتك؟ قال: ابنة عمّي، وقد أبى أبوها أن يزوّجها مني. قال: لعله أكثر منك مالا، قال: لا بل أنا أكثر منه مالا. قال: فما قصّتك؟ قال: فقال له الأعرابي: أدن رأسك مني. قال:
فجعل المهدي يضحك وأصغى إليه برأسه، فقال: إني هجين، قال: فليس يضرّك ذلك، إخوة أمير المؤمنين وولده أكثرهم هجين؛ قال ما أقلّ منفعة هذا لي إذا، فإنّ عمّي لا يزوّجني. قال: وأين عمك؟ قال: منا على ثلاثة أميال. قال:
فأرسل الخيل في طلبه، فجاءوا به. قال: ما لك لا تزّوج أبا مياس فإني أرى عليه نعمة؟ قال: متاع سوء، وليس منا زوّج مثله. قال: فإن الذي كرهت ليس بعيب عندنا، وأنا معط صداق ابنتك عشرة آلاف، ومعوّضك ممّا كرهت عشرة آلاف. قال: فذلك لك. فخرج أبو ميّاس، وهو يقول: [من الكامل]
ابتعت ظبية بالغلاء وإنّما ... يعطي الغلاء بمثلها أمثالي
وتركت أسواق القباح لأهلها ... إن القباح وإن رخصن غوالي
«522» - قال أبو عثمان سعيد بن محمد: وجّهني المنتصر في إمارته إلى مصر في بعض أمور السلطان، فعشقت جارية كانت لبعض النّخّاسين عرضت على البيع، محسنة في الصّنعة ومقبولة في الخلقة، قائمة على الوزن من المحاسن والكمال.
فساومت مولاها بها، فأبى أن يبيعني إلا بألف دينار؛ ولم يكن ثمنها متهيّئا معي، وأزعجني الشخوص، وقد علقها قلبي. فأخذني المقيم المقعد، وندمت على ما

الصفحة 270