كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

الثياب؟ وهل قتلتم أهل الحصن الذي كان فيه هذا؟ قال الفتى: صفته كذا وكذا، وصفة البلد كذا، ورأيت فيه قوما حالهم كذا، ووصف الأمّ والأخت وجميع الأهل، وهي تبكي وتقلق، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت:
الشيخ والله أبي، والعجوز أمّي، والشابّة أختي. فقص عليها الفتى الخبر وأخرج بقيّة ما كان معه فدفعه إليها.
«526» - ذكر أنّ عاملا للمنصور على فلسطين كتب إليه أنّ بعض أهلها وثب عليه، واستغوى جماعة منهم وعاث في العمل. فكتب إليه أبو جعفر:
دمك مرتهن به إن لم توجّهه إليّ. فصمد له العامل فأخذه ووجّه به إليه. فلما مثل بين يدي أبي جعفر قال له: أنت المتوثّب على عامل أمير المؤمنين؟ لأنثرنّ من لحمك أكثر ممّا يبقى على عظمك. قال: وكان شيخا كبيرا ضئيل الصوت فقال: [من الكامل المرفل]
أتروض عرسك بعد ما هرمت ... ومن العناء رياضة الهرم
فلم يفهم أبو جعفر ما قال فقال: يا ربيع ما يقول؟ قال: يقول: [من البسيط]
العبد عبدكم والمجد مجدكم ... فهل عذابك عنّي اليوم مصروف
قال: يا ربيع، خلّ عنه فقد عفوت عنه، وأحسن إليه واحتفظ به.
«527» - أحضر هشام بن عبد الملك إبراهيم بن أبي عبلة [1] الذي كان يتولّى ديوان الخاتم لمروان بن محمد فقال له: إنّا قد عرفناك صغيرا وخبرناك كبيرا، وإني أريد أن أخلطك بحاشيتي، وقد وليتك الخراج بمصر، فاخرج. فأبى
__________
[1] م: عقلة.

الصفحة 277