كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فقال: ما تقول في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أفرض هو أم نفل؟ قلت:
فرض. فعدّ عليّ من هذه الفرائض ما عدّ ثم قال: مثل هذا؟ قلت: نعم، قال:
ابسط يدك أبايعك عليه. قال: فأظلمت عليّ الأرض، وخفت إن أعطيته شيئا لا أقدر أن أقوم به. قال: ثم ذكرت فقلت: يا أبا إسحاق إنّ هذا فرض ليس كسائر الفرائض التي يؤدّيها الرجل وحده، فتحرّ عنه، وهذا متى عرض له رجل أشاط بيده بدمه وعرّض نفسه للقتل فلو كان قتل وخلص الحقّ إلى من يقوم به أجر في تلف نفسه، ولكن يقتل ولا يستوفى للناس أمرهم وتذهب نفسه؛ ولكن انتظر فإن منّ الله علينا بمن يقوم لله بذلنا له أنفسنا ومهجنا وما نالته أيدينا من القوة. فانصرف من عندي، وكان يتقاضاني تقاضي الغريم الملحّ حتى خرج إلى مرو، فتعرّض لأبي مسلم فأمره ونهاه، فأخذه وحبسه، فاجتمع عليه أهل مرو وقالوا: مثله تحبس ونحن نعرض ونؤمّل من الله به كلّ خير؟ فأخرجه. ثم تعرّض له ثانية وثالثة فقتله. فبلغني عنه أنه قال: أخاف أن أكون قد أعنت على نفسي فينقص ثوابي من الله إذ لم أقبل ممّن هو أعلم بالله مني.
530- قال أبو حنيفة: وحدثني من أثق به من آل بيت محمد صلّى الله عليه وسلم عن أبيه عن عليّ عليه السلام أنه قال: سيّد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ورجل يقوم في آخر الزمان عند انقضاء ملك بني أمية إلى رجل جائر يقول له: أنا داعية الحق، فيأمره فيقتله، فكان هو الذي قام على أبي مسلم فأمره ونهاه، فأخاف أن أكون قد ضيعت حقّ الله فيه.
«531» - وقيل: إن ابن هبيرة حين اضطرب الحبل وظهرت الفتنة بالعراق جمع فقهاء أهل العراق وقضاته، منهم ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود بن أبي هند، وعددا منهم، فولّى كلّ واحد منهم صدرا من عمله. وأرسل إلى أبي حنيفة فأراد أن يكون الخاتم في يده، فامتنع أبو حنيفة عليه؛ وحلف ابن هبيرة

الصفحة 280