كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

قال: تقول إني شيخ كبرت وضعفت عن الجماع، فأكره أن أقبل جارية تحتاج إلى من يمسّها فلا أصل إليها وأبيع ملك الخليفة.
533- ودعاه أبو جعفر فقال: إنّ شيعة أمير المؤمنين يحضرون فتسمع كلامهم. فحضروا فتكلموا وأكثروا، فقال لواحد: صن لسانك عن الكذب، وقال لآخر: هذا كلام من قد كفر النعمة؛ فقام أبو العباس الطوسي فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي صلى الله عليه وقال قولا مختصرا جميلا، فقال أبو حنيفة: أصبت. فقال أبو جعفر: انصرفوا على قول أبي العباس سيّدكم.
«534» - وظهر إبراهيم بالبصرة وأخوه بالمدينة. ودخل الحسن بن قحطبة على أبي حنيفة فقال: أنا ممّن عمل عملا لا يحلّ، فهل من توبة؟ قال: نعم.
قال: ما هي؟ قال: أن يعلم الله منك نيّة صادقة أنك نادم على ما فعلت، وأخرى إن خيّرت بين أن تقتل مسلما أو تعمل اخترت قتلك على عمله [1] ، وتجعل لله على نفسك عهدا ألا تعود في شيء ممّا كنت فيه؛ فإن وفيت قبلت توبتك إن شاء الله. قال: قد فعلت وعاهدت الله أني لا أعود. قال: فدعاه أبو جعفر وأمره بالسير إليهما، فجاء إلى أبي حنيفة فقال: إني أمرت بكذا وكذا، قال: أما إنك إن وفيت غفر لك ما مضى وإن عدت أخذت بما مضى وبما يستأنف. فدخل إلى أبي جعفر وتهيّأ للقتل، واستعفاه، واعتلّ عليه، فلم يقبل منه. فقال: لست أقتل هذين الرجلين، وحسبي ما مضى. قال: فغضب أبو جعفر، فوثب أخوه حميد بن قحطبة عليه وقال: يا أمير المؤمنين، إنا قد أنكرناه منذ سنة، وقلنا قد اختلط، وأنا أسير. فسار حميد وقال أبو جعفر: تعاهدوا الحسن وانظروا إلى من
__________
[1] مناقب: إن خيرت بين أن تقتل مسلما أو تقتل اخترت قتلك على قتله.

الصفحة 282