كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

يدخل، ومن يجالس، ومن الذي يفسد هذا الرجل علينا. فأخبروه أنه يدخل على أبي حنيفة ويجالسه، فدعا بسمّ وسقى أبا حنيفة وسقى الحسن، فمات أبو حنيفة رحمه الله، وعولج الحسن فبرأ.
535- وقد روي أن أبا حنيفة لما خاف التّلف وألحّ عليه ابن هبيرة بالضرب، وآلى أن لا يرفعه عنه حتى يلي له عملا، تولّى له عدّ أحمال التبن التي تخرج من ناحية السّواد وتدخل الكوفة.
«536» - وروي أنّ ابن هبيرة أراده على القضاء وحلف إن هو لم يقبل ليضربنّه بالسّياط على رأسه، فقيل لأبي حنيفة فقال: ضربه لي بالسياط في الدنيا أسهل علي من مقامع الحديد في الآخرة؛ والله لا فعلت ولو قتلني. فحكي قوله لابن هبيرة فقال: بلغ من قدره ما يعارض يميني بيمينه؟ فدعا به فقال له سفاها، وحلف له إن لم يل ليضربنّه على رأسه حتى يموت. فقال له أبو حنيفة: هي ميتة واحدة. قال: فأمر به فضرب عشرين سوطا على رأسه. فقال أبو حنيفة: اذكر مقامك بين يدي الله فإنه أذلّ من مقامي بين يديك، ولا تهدّدني فإني أقول: لا إله إلا الله، والله سائلك عني حيث لا يقبل منك جواب. فأومأ إلى الجلاد أن أمسك. وبات أبو حنيفة في السجن، فأصبح وقد انتفخ وجهه ورأسه من الضرب. قال: فقال ابن هبيرة: إني رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم في النوم وهو يقول: أما تخاف الله تضرب رجلا من أمتي بلا جرم وتهدّده؟ فأرسل إليه فاستخرجه واستحلّه.
«537» - وقال الربيع بن يونس: جمع المنصور مالك بن أنس وابن أبي ذئب وأبا حنيفة فقال: كيف ترون هذا الأمر الذي أعطاني الله من أمر هذه الأمة؟ هل أنا لذلك أهل؟ قال: فسكت القوم؛ فقال لابن أبي ذئب: ما تقول في هذا الأمر

الصفحة 283