كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

«538» - وقال ابن المبارك: مات ابن أبي ليلى فقال الناس: لقد وهت الكوفة من حاكم عادل، من ترى يتولى عليها بعده؟ فحمل إلى أمير المؤمنين أبو حنيفة وسفيان ومسعر وشريك، وكانوا جلوسا في صلاة الصبح، حتى بعث إلى كلّ رجل منهم برجل، فحملهم الأمير إلى أمير المؤمنين ووصلوا في سفينة؛ فلما كان في بعض النهار قرب التهيو للصلاة. قال: فخرجوا، فقال سفيان لصاحبه: أريد أبول [في] الخلاء، وإذا قرب مني إنسان احتبس مني الغائط والبول. فتنحّي عنه فهرب، وهرب الذي كان معه. وجاء سفيان إلى سفينة فيها قتّ، فوهب للملاح دراهم حتى غيّبه. فلما دخلوا بغداد دفع مسعر إلى الملاح ثيابه وأخذ مدرعته. فلما دخلوا على المنصور ورأى عليه مدرعة صوف مقلوبة قال: يا شيخ، أتريد أن نولّيك القضاء؟ قال: مسنّاة الكوفة قد خربت؛ قال: يا شيخ، ما أنت وذكر المسنّاة؟ قال: إن بني أمية خرّبوا السور فتحتاج ان تعمّره. قال: أخرجوه فإن هذا مختلط. ثم قال لأبي حنيفة: تريد أن نولّيك القضاء؟ قال: أنا رجل من الموالي وأهل الكوفة من أشراف بني هاشم وقريش والأنصار والعرب، وإن ولّيت مثلي فتنت البلد ولم آمنهم أن يرموني بالآجرّ. فقال لشريك: فقال: أنا شيخ لا أبصر نقش خاتمي، فقال: استعن على أمورك بالشباب؛ قال: ودماغي قد تغيّر. قال:
خذ الدهن وكل الطعام الذي يردّ قوّتك، وتصنع في كلّ يوم رطلا من فالوذج فهو يزيد في قوّتك وقوّة دماغك إذا كان بالعسل؛ قال: يا أمير المؤمنين إني كنت في حداثتي أميل إلى النساء، فأخاف إن اختصمن إليّ أن أميل إليهن وتتجدّد شهوة الحداثة؛ قال: يتّسع عليك حتى ترغب فيك الحرائر وتشتري الإماء. ودعا بطعام فأطعمه وألبسه السواد، وسلم من سلم.

الصفحة 285