كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

«539» - بيان قولهم إن أبا حنيفة استتيب من الكفر مرتين قال: إليك عني: إنه لما قدم الضحاك الشاري الكوفة قال لهم: جيئوني بالفقهاء. فتفرق الناس ووجدوا أبا حنيفة فأتوه. فقال: يا شيخ تب إلى الله من الكفر، فقال: أنا تائب إلى الله من الكفر. فلما خرج قال له رجل من أصحابه كان قد جالس أبا حنيفة: إن مذهبك عنده الكفر ومنه تاب، قال: ردّوه فقال:
يا شيخ، تبت من مذهبي ومذهبي عندك الكفر. قال: فقال أبو حنيفة: أو ظننت بي ذلك؟ قال: نعم؛ قال: أظنّك ظنّ سوء فهو ذنب؟ قال: نعم، قال:
والذنب عندك كفر؟ قال: نعم، قال: فتب منه، قال: أنا تائب إلى الله، وأنت يا شيخ فتب إلى الله فقال: أنا تائب إلى الله. فلما خرج القوم قال قوم من أهل الكوفة: استتيب أبو حنيفة مرتين.
«540» - قال أبو العيناء: ما رأيت أفصح لسانا ولا أجمع رأيا ولا أحضر حجّة من ابن أبي دواد. قال له الواثق: رفعت فيك رقعة فيها كذب كثير، فقال: ليس بعجيب أن أحسد بمنزلتي من أمير المؤمنين ويكذب عليّ. قال:
زعموا أنك ولّيت القضاء رجلا أعمى، قال: بلغني أنه إنما عمي من بكائه على أمير المؤمنين المعتصم، فحفظت له ذلك وأمرته أن يستخلف؛ قال: وفيها أنك أعطيت شاعرا ألف دينار، قال: كان ذاك، وقد أثاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم كعبا، وقال في آخر: اقطعوا عني لسانه؛ وهذا شاعر طائيّ مصيب محسن، لو لم أرع له إلا قوله فيك للمعتصم: [من الكامل]
فاشدد بهارون الخلافة إنّه ... سكن لوحشتها ودار قرار

الصفحة 286