كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

اقتدارا على تأدية ما حفظا ورويا منهما؛ أسأل الله أن يزيد بهما الإسلام عزّا وتأييدا، ويدخل بهما على أهل الشّرك ذلا وقمعا. وأمّن الرشيد على دعائي، ثم ضمّهما إليه، وجمع عليهما يديه، فلم يبسطهما حتى رأيت الدموع تنحدر على صدره، ثم أمرهما بالخروج. ثم قال: كأني بهما وقد حمّ القضاء ونزلت مقادير السماء، وقد تشتّت أمرهما، وافترقت كلمتهما حتى تسفك الدماء وتهتك السّتور.
559- كانت بيحيى البرمكي علّة في جوفه عجز عنها أطباء العراق، فأشخص منويل أسقف فارس، وقد تقدّم قبل أن يدخل عليه إلى خواصّه بأخذ مائهم في قوارير؛ فأتوا بها، فأمر بتبديلها، وفيهم مدنيّ مضحك، وقد وهب له جارية فكان يدّعي في كثرة الباه الدعاوى العريضة. فأعطاه الوزير مجسته فقال:
تناولت المحرّم. فجحد فحلف منويل حتى أقر، ونظر في القوارير فردّ كلّ واحدة إلى صاحبها. فتعجب من لطف علمه.
وقال للمدني: أنت عنّين! فلجّ، فقال هو كافر بالمسيح إن كان خرج من صلبك شيء قط إلا البول. فاعترف وطلب العلاج؛ فقال هذا ما لا حيلة فيه. ثم قال: إن كان- وما أظنه يكون- فعليك بالكباب على الآجرّ مع نبيذ الصرفان.
«560» - قال الرشيد حين كان بطوس لرجل: خذ هذه البدرة واعرض هذه القارورة على أسقف فارس وبختيشوع من غير أن يتشاعرا وازعم أنّها قارورة أخ لك. فقال الأسقف: ما أشبه هذا الماء بماء الرّشيد، فانتظر ولا ترحل فإنّ أخاك ميّت غداة غد، وقال بختيشوع مثله.
«561» - وعرض رجل على أيوب الطّبيب قارورته فقال: ما هي بقارورتك لأنّه ماء ميّت وأنت حيّ تكلّمني فما فرغ من كلامه أن خرّ الرّجل ميّتا.

الصفحة 292