كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

في هذه المرّة، لقد لقطت كبدي فجعلت أقلّبها بعود كان في يدي. ورثته جعدة بأبيات: [من السريع]
يا جعد بكّيه ولا تسأمي ... بكاء حقّ ليس بالباطل
إنّك لن ترخي على مثله ... سترك من حاف ولا ناعل
وخلف عليها رجل من قريش فأولدها غلاما؛ وكان الصّبيان يقولون له: يا ابن مسمّمة الأزواج. ولمّا كتب مروان إلى معاوية بشكاته كتب إليه: أرقل المطيّ إليّ بخبر الحسن. ولمّا بلغه موته سمع تكبير من الخضراء، فكبّر أهل الشّام لذلك التّكبير. وقالت فاختة بنت قرظة لمعاوية: أقرّ الله عينك يا أمير المؤمنين! ما الذي كبّرت له؟ قال: مات الحسن. قالت: أعلى موت ابن فاطمة تكبّر؟! قال: والله ما كبّرت شماتة بموته، ولكن استراح قلبي وصفت لي الخلافة.
وكان ابن عبّاس في الشام فدخل عليه فقال له: يا ابن عبّاس، هل تدري ما حدث في أهل بيتك؟ قال: لا أدري ما حدث إلا أني أراك مستبشرا ومن يطيف بك وقد بلغني تكبيرك وسجودك. قال: إنّا لله! يرحم الله أبا محمد ثلاثا. ثم قال:
والله يا معاوية لا تسدّ حفرته حفرتك، ولا يزيد عمره في يومك، ولكن [إن] كنّا أصبنا بالحسن لقد أصبنا بإمام المتّقين وخاتم النبيين، فسكّن الله تلك العبرة وجبر تلك المصيبة، وكان الله الخلف علينا من بعده.
وقال لأخيه الحسين: إذا أنا متّ فادفني مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم إن وجدت إلى ذلك سبيلا، وإن منعوك فادفنّي ببقيع الغرقد. فلبس الحسين ومواليه السّلاح وخرجوا ليدفنوه مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فخرج مروان في موالي بني أميّة فمنعوهم.
«565» - قال أبو العرجاء جمّال موسى بن عيسى: لمّا نزلنا بستان بني عامر بعثني محمد بن سليمان إلى الحسين بن علي صاحب فخّ لأتجسّس عليه، فمضيت

الصفحة 294