كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فلم يترك ببطن السّرّ ظبيا ... ولم يترك بقاعته حمارا
فقال امروء القيس: إني لأعجب من بيتكم هذا لا يحترق عليكم من جودة شعركم؛ فقيل لهم: بنو النار.
«567» - قال عبد الله بن المعتزّ: شعر آل أبي حفصة كماء أسخن وصبّ في قدح. فكان أيّام مروان الأكبر على حرارته، ثم انتهى إلى عبد الله بن أبي السّمط، ففتر، ثم إلى إدريس وأبي الجنوب، فبرد، ثم إلى مروان الأصغر، فاشتدّ برده، فنحن لبرده، ثم إلى متوّج فجمد.
«568» - حدّث عبيد الله بن سليمان قال: كنت بحضرة والدي في ديوان الخراج بسرّ من رأى وهو يتولاه، إذ دخل عليه أحمد بن أبي خالد الصّريفينيّ الكاتب، فقام والدي إليه قائما من مجلسه وأقعده في صدره، وتشاغل به. ولم ينظر في شيء من أمره حتى نهض، ثم قام معه وأمر غلمانه بالخروج بين يديه، فاستعظمت أنا وكلّ من حضر هذا، لأنّ رسم أصحاب الديوان صغارهم وكبارهم أن لا يقوموا لأحد من خلق الله عزّ وجلّ ممّن يدخل إليهم، فتبيّن أبي في وجهي إنكار ذلك، فقال: يا بنيّ، إن خلونا فسلني عن السبب فيما عملته مع هذا الرجل.
قال: وكان أبي يأكل في الديوان وينام ويعمل عشيّا. فلما جلسنا نأكل لم أذكّره إلى أن رأيت الطعام قد كاد ينقضي، فقال هو: يا بنيّ، شغلك الطعام عمّا قلت لك أن تذكّرني به؟! فقلت: لا، ولكني أردت أن يكون ذلك على خلوة. ثم قال: أليس قد أنكرت أنت والحاضرون قيامي لأحمد بن أبي خالد في دخوله وخروجه وما عاملته به؟ فقلت: بلى. فقال: قد كان هذا يتقلّد مصر، فصرفته

الصفحة 296