كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

أيّامك، فيعدّوا لك الهمّ، وقد جمعت لك منه ما يشتمل عليه هذا الثّبت، وأخرج درجا فيه ثبت جامع لكلّ شيء حسن طريف جليل القدر من دبيقيّ، وقصب، وخدم، وبغال، ودوابّ، وحمير، وفرش، وطيب، وجوهر، ما يكون قيمة الجميع مال عظيم، فأمرت بتسلّمه وزدت في شكره فقال: يا سيدي، أنا أحبّ الفراش وأنا مغرى به، وقد استعمل لي بيت أرمنيّ بأرمينية وهو عشر مصلّيات بمخادّها، ومستندها، ومساورها، ومطارحها، وبسطها، وهو مذهّب بطرز مذهّبة قد قام عليّ بخمسة آلاف دينار على شدّة احتياطي، وقد أهديته إليك، فإن أهديته إلى الوزير عبدك، وإن أهديته إلى الخليفة ملكته، وإن أبقيته لنفسك وتجّملت به كان أحبّ إليّ.
قال: وحمله فما رأيت مثله قطّ، فشغفت به واستحسنته فلم تسمح نفسي بإهدائه إلى أحد، ولا استعماله فيما استبذل إلا في يوم إعذارك، فإني نجّدت منه الصّدر ومسنده ومساوره ومخادّه. أفتلومني يا بنيّ على أن أقوم لهذا الرجل؟
فقلت: لا والله يا أبي، ولا على أكبر من القيام لو كان مستطاعا.
قال: وكان أبي بعد ذلك إذا صرف رجلا عامله بكلّ جميل يقدر عليه وقال: علّمنا أحمد بن أبي خالد حسن التصرّف.
«569» - قال: وجلس عبيد الله بن سليمان يوما للمظالم في دار المعتضد، وهو وزيره، فتقدّم إليه عمر بن محمد بن عبد الملك الزيّات يتظلّم من أحمد بن إسرائيل بسبب الضّيعة المعروفة بتناضب. فنظر في أمره وقال له: أنت عمر بن محمد؟ قال: نعم، قال: فأين كنت؟ فقصّ عليه أمره وخبره وقال له: أنت ابن سكران [1] ؟ قال: نعم.
__________
[1] سكران اسم والدته.

الصفحة 300