كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

وهبته لك، فقال له الحضور: أتهب خمسة آلاف ألف درهم وليس في بيت المال درهم واحد، وأنت محتاج إلى ما دون ذلك بكثير، فلو أخذته قرضا، فإذا جاءك مال رددته عليه؟ فقال لهم: أنا على المال أقدر من يحيى وقد وهبت له، فرددت إلى القوم ما كانوا حملوه إليّ، وتخلّصت.
«572» - وذكر محمد بن عبدوس أنّ الفضل بن مروان حدّث قال: سعى محمد بن يزداد إلى المأمون بعمرو بن بهنوي، فقال له المأمون: يا فضل، خذ عمرا إليك فقيّده و؟؟ ضيّق عليه ليصدق عمّا صار إليه من مال الفيء، فإنّه قد احتاز منه مالا جليلا، وطالبه بذلك. فقلت: نعم، وأمرت بإحضار عمرو فأحضر، وأخليت له حجرة في داري، فأقمت له ما يصلح له، وتشاغلت عنه بأمور السلطان في يومي وغده؛ فلما كان اليوم الثالث أرسل إليّ عمرو يسألني الدخول إليه، فدخلت، فأخرج إليّ رقعة قد أثبت فيها كلّ ما يملكه من الدّور والعقار والأموال والفرش والكسوة والجوهر والكراع وما يحوز معه من الرقيق، فكان قيمة ذلك عشرين ألف ألف درهم، وسألني أن أوصل رقعته إلى المأمون وأعلمه أنّ عمرا قد جعله من جميع ذلك في حلّ وسعة. فقلت له: مهلا، فإنّ أمير المؤمنين أكبر قدرا [من] أن يسلبك نعمتك كلّها؛ فقال عمرو: إنّه كما وصفت في كرمه، ولكنّ الساعي لا ينام عنّي ولا عنك، وقد بلغني ما تقدّم به في شأني من الغلظة، وقد عاملتني بضدّ ذلك، وقد طبت نفسا بأن أشتري عذل أمير المؤمنين لك في أمري ورضاه عني بجميع مالي. فلم أزل أنزله حتى وافقته على عشرة آلاف ألف درهم وقلت له: هذا شطر مالك وهو صالح للفريقين، وأخذت خطّه بالتزام ذلك صلحا عن جميع ما جرى على يديه؛ وصرت إلى المأمون فوجدت محمد بن يزداد قد سبقني إليه، وإذا هو يكلّمه، فلما رآني قطع كلامه وخرج. فقال المأمون: يا فضل، قلت: لبّيك يا أمير المؤمنين، أنا عبد

الصفحة 303