كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

من يتسلّم عمرا من محبسه، وأمره بتسليمه لي، وأمرني بإطلاقه، ففعلت ذلك.
«573» - قيل: كانت محابس أحمد بن طولون مملوءة، وكان الوالي عليها موسى بن مفلح [1] ، فأمره أحمد بن طولون بتعرّف أخبار المحبوسين، قال موسى:
فرأيت رجلا منهم له هيئة وله في الحبس سنون، وعرفته بكثرة صلاته وصيامه، فعرضت عليه الشفاعة وكتب الرّقاع إلى من يرى، فكتب رقعة، ثم استأذنني في الذّهاب إلى منزله ليدّبر أمره ويعود، وواثقني بعهود وقال: ما أعرف أحدا غير أبي طالب فليح [2] والد محمد بن فليح، ولو قدرت عليه لاستعنت به، وكان فليح والي شرطة أحمد بن طولون. قال موسى بن مفلح: فرحمته ورثيت له. وفكّرت في أحمد بن طولون وشدّة بأسه، وأني أخرج من محبسه رجلا بغير أمره ثم آثرت الله ورضاه وحمّلت نفسي خطّة عظيمة، فأذنت له في الذهاب إلى منزله، وأن يقيم ثلاثا يدبّر أمره ويحتال ثمّ يعود.
وأطلقته ليلة الجمعة لما شاهدت من حسن طريقته واجتهاده في العبادة، فعاد إليّ غداة يوم السبت فسألته عن خبره، فقال: سألت فليحا وسألته فوعدني ومضى في حاجتي، وعاد إليّ قرب العتمة مغموما وقال لي: كلّمت فيك الأمير فقال: أذكرتني رجلا يحتاج إلى عقوبة، ثم تقدّم إلى بعض أسبابه أن يعرضك يوم السبت، ثم قال لي فليح: وددت أني ما تكلّمت في أمرك؛ فلما سمعت هذا من أمري جئت إليك خوفا عليك أن يأتيك الرسول فيطلبني فلا أكون في الحبس، فبادرت لئلا تلقى مكروها.
قال موسى بن مفلح: فلما أضحى النهار وافى رسول أحمد بن طولون في
__________
[1] السيرة: موسى بن صالح والمكافأة: موسى بن مصلح.
[2] السيرة والمكافأة: الخليج.
20 التذكرة الحمونية 9

الصفحة 305