كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

طلب الرجل، فركبت وسرت إليه، فحدّثته بالحديث ووصفت له اجتهاد الرجل، وأنّي أطلقته بغير أمره، وأنّه عاد إليّ خوفا عليّ، فاستحسن أحمد بن طولون ذلك، وزال غضبه عليه، وكان السبب في العفو عنه والإحسان إليه.
«574» - سعى ولد لسليمان بن ثابت بأبيه إلى أحمد بن طولون، وكان سليمان يكتب لشقير الخادم غلام الخليفة وخليفته على الطراز. وكان ولد سليمان بن ثابت يقول لأحمد بن طولون: إنّ شقيرا أودع أبي أربعمائة ألف دينار. فأحضر أحمد بن طولون سليمان بن ثابت وقال: اصدقني عن هذا المال، فحلف له سليمان أنّ شقيرا ما أودعني شيئا من هذا؛ فقال أحمد بن طولون: ابنك عرّفني هذا، فأمسك عنه ولا تجبه، واطوه عن ابنك. ثم أمسك أحمد بن طولون عن ابنه ومقته. فلم يمض حول حتى توفي سليمان بن ثابت، فأظهر ابن طولون غمّا، وولّى ابنه الساعي به عملا، وضمّ إليه رجالا. فأقام شهورا ثم دعا به، فقال: قد أحسنت إليك، فاحمل إليّ الأربعمائة الألف الدينار التي أودعها شقير لأبيك. فلجلج واضطرب وهلع، فسلّمه أحمد بن طولون إلى إسماعيل بن عمّار فضربه خمسين سوطا، واصطفى أمواله، ثم عاوده الضّرب حتى مات.
575- وروي أن أحمد بن طولون في أول أمره رأى في منامه أنّه أنزل رجليه في بئر مملؤة دما، وأنّ السماء تمطر على رأسه، فنظر فإذا هي عذرة.
فهالته الرؤيا ودعا بمعبّر فذكرها له، فقال له: تحصل في بلد بعيد من السلطان بمنزلة البئر، وتتناول من الدماء ما يعظم أمره، وتقبل عليك الدنيا لأنّها مذمومة مرذولة وهو تعبير ما سقط على رأسك، فكانت البئر مصر، وكانت الدماء ما عمل، وكانت العذرة الأموال التي أقبلت عليه.
«576» - ورأى أحمد بن طولون، وهو والي مصر، في منامه محمد بن

الصفحة 306