كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

سليمان الكاتب- وهو يومئذ يكتب لغلامه لؤلؤ- كأنه يهدم ميدانه وقصره.
فلما أصبح قال للؤلؤ: ما فعل كاتبك محمد بن سليمان؟ فقال خيرا، فقال:
جئني به، فإني رأيت البارحة وهو يهدم قصري وميداني. فقال: هو بالريف، فقال: اكتب إليه ليجيء. فلما انصرف لؤلؤ أحضر كاتبه وقال له: طر في الدنيا، فمن خبرك كذا وكذا، وقد طلبك الأمير وهو والله قاتلك. فهرب محمد بن سليمان إلى العراق، وقضي إلى أن خرج في أيام المكتفي إلى مصر، وقلع آل طولون، وهدم الميدان. وقد قيل إنّه كان وقع في يد محمد بن سليمان وضربه بالسوط وأفلت من يده.
«577» - وجاءه ابن دشومة فقال له: أيّها الأمير، فعلك فعل الجبّارين، ونفسك نفس الزّهاد. فقال له أحمد بن طولون: وما الخبر؟ فقال له ابن دشومة: في البلد أموال تالفة مبلغها كذا وكذا؛ فقال له: تجيئني في غد. فغدا عليه فقال له: ويحك، إني رأيت البارحة في منامي فلانا- شيخا له من أهل طرسوس- وهو يقول لي: لا تقبل من ابن دشومة ما قال لك، فهو غاشّ لك، والله يعوّضك، فاتركه لله. فقال له ابن دشومة: قول ذلك منام، وقولي يقظة.
فلما كان بعد أيام وجد أحمد بن طولون كنزا مبلغه ألف ألف دينار سوى الجوهر، فأحضر ابن دشومة فقال: أنت غاشّ لي، وسخط عليه.
«578» - حدّث محرز بن القاسم وكان هو وآخر من الخراسانية [من رجال عبد الله بن علي قال: كانت عبدة] بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية امرأة هشام بن عبد الملك، وكان هشام وهب لها بدنة [1] من جوهر. فأخذها عبد الله بن علي-
__________
[1] بدنة: دراعة.

الصفحة 307