كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فافعله به؛ وتقدّم إلى الربيع أن يسقط الإذن عنه، وأمر بالبّكور إليه في كل يوم والرواح إلى أن تظهر أمّه فإن له فيه تدبيرا. فضمّه إليه المورياني، وأخلى له منزلا وأوسعه من كلّ شيء، وكان يغدو ويروح إلى المنصور يخلو به، فيسأله المورياني عما يجري بينهما فلا يخبره، فيقول له: إن أمير المؤمنين لا يكتمني شيئا، فيقول: ما حاجتك إلى ما عندي إذن؟ فحسده المورياني واستوحش منه، وثقل عليه مكانه، وأطعمه شيئا فمات؛ وصار إلى المنصور فأعلمه أنه مات فجاءة ثم ولى. فقال المنصور: قتلته قتلني الله إن لم أقتلك به، فكان ذلك من أقوى أسباب سخط المنصور على أبي أيوب المورياني وقتله إياه.
«630» - بنى جعفر بن يحيى قصرا وأعظم النفقة عليه وبالغ، ولما عزم على الانتقال إليه جمع المنجمين لاختيار وقت ينتقل فيه إليه، فاختاروا له وقتا من الليل. فلما حضر الوقت خرج على حمار من الموضع الذي كان ينزله إلى قصره والطرق خالية والناس هادون، فلما صار إلى سوق يحيى رأى رجلا قائما وهو يقول: [من الوافر]
يدبّر بالنجوم وليس يدري ... وربّ النّجم يفعل ما يشاء
فاستوحش وتوقّف ودعا بالرجل فقال له: أعد عليّ ما قلت فأعاده، فقال: ما أردت بهذا؟ فقال: والله ما أردت به معنى من المعاني، ولكن شيء عرض لي وجاء على لساني في هذا الوقت. فأمر له بدنانير ومضى لوجهه وقد تنغّص عليه سروره.
«631» - وحكي أن السبب كان في بناء جعفر هذا القصر أن متظلّما من أهل أصفهان تظلّم إلى يحيى بن خالد من عامله بها وقال: إنه ظلمني وأساء معاملتي، وأخذ ما لا يجب له مني، وهدم شرفي، فقال يحيى: قد عرفت جميع ما تظلمت منه خلا قولك هدم شرفي، ففسّر لي ذلك. فقال له المتظلّم: أنا من بني

الصفحة 321