كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

وللمأمون بنيتها؟ قال: نعم، لما شرّفتني أن جعلته في حجري واستخدمتني له، وعرفت محلّه من قلبك، أردت أن أبني له بناء يشبه هذا المحلّ، ومع هذا فإنني كتبت إلى النواحي بأن يتّخذ لجميع البناء فرش في النواحي التي يستعمل فيها الفرش على مقاديرها، وبقي شيء لم يتهيّا اتّخاذه، فقدّرنا أن نعوّل فيه على خزائن أمير المؤمنين إما عارية وإما هبة، قال: بل هبة. وزال بذلك الشنع الواقع كلّه، وأمره بنزولها، وأبى أن يطلق للمأمون الانتقال إليها.
«633» - قال ميمون بن هارون: قلت لعتّابة أمّ جعفر بن يحيى بعد نكبتهم، وهي بالكوفة في يوم أضحى: ما أعجب ما رأيت؟ قالت: أمرنا! لقد رأيتني في مثل هذا اليوم وعلى رأسي مائة وصيفة، لبوس كلّ واحدة منهنّ وحليّها خلاف لبوس الأخرى وحليّها، وأنا في يومي هذا أشتهي لحما لا أقدر عليه.
634- قال حمزة بن عفيف: كنا مع علي بن عيسى بن ماهان في الوقت الذي نزل فيه بالبرامك ما نزل، وكان من معاداتهم والانحراف عنهم إلى ما لا غاية وراءه، وكان مسرورا بنكبتهم. فغدونا يوما إليه من الأيام فوجدنا على قصره بيتين من الشعر وهما: [من السريع]
إن المساكين بني برمك ... صبّت عليهم عبر الدّهر
وللورى في أمرهم عبرة ... فليعتبر ساكن ذا القصر
فلم يبعد ما بين نكبته ونكبتهم.
«635» - قال نصير الوصيف: غدوت إلى يحيى بن خالد في آخر أمرهما أريد عيادته من علّة كان يشكوها، فوجدت في دهليز بغلا مسرجا، فدخلت إليه، وكان يأنس بي ويفضي إليّ بسرّه، فوجدته مفكّرا مهموما، ورأيته متشاغلا بحساب النجوم، وهو ينظر فيه. قال: فقلت له: إني لما رأيت البغل مسرجا فسرّني لأني قدّرت انصراف العلّة وأنّ عزمك الركوب، ثم غمّني ما أراه من

الصفحة 323