كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

سألنا عن ثمالة كلّ حيّ ... فقال القائلون ومن ثماله
فقلت محمّد بن يزيد منهم ... فقالوا زدتنا بهم جهاله
فقال لي المبرّد خلّ قومي ... فقومي معشر فيهم نذاله
قلت: أعرف هذه الأبيات لعبد الصمد بن المعذّل يهجوه بها، فقال: كذب والله كلّ من ادّعى هذه غيره، هذا كلام رجل لا نسب له يريد أن يثبت له بهذا الشعر نسبا. قلت: أنت أعلم، قال لي: يا هذا قد غلبت لخفّة روحك على قلبي، وتمكّنت بفصاحتك من استحساني، وقد أخّرت ما كان يجب أن أقدّمه، ما الكنية أصلحك الله؟ قلت: أبو العباس، قال: ما الاسم؟
قلت: محمد، قال: فالأب؟ قلت: يزيد. قال: قبّحك الله! أحوجتني إلى الاعتذار إليك مما قدّمت، ثم وثب باسطا يده ليصافحني، فرأيت القيد في رجليه قد شدّ إلى خشبة في الأرض، فأمنت عند ذلك غائلته؛ فقال: يا أبا العباس: صن نفسك عن الدخول إلى هذه المواضع، فليس يتهّيا لك في كلّ وقت أن تصادف مثلي على هذه الحال الجميلة، أنت المبرّد؛ وأخذ يصفّق، وانقلبت عيناه وتغيّرت خلقته. فبادرت مسرعا وقبلت والله قوله، فلم أعاود الدخول عليهم بعد ذلك.
«671» - قال أبو العيناء: كان بالبصرة مقيّن له جوار فغشي الناس منزله لأجلهنّ، فحضر يوما عنده جماعة فيهم قوم من المهالبة. فلما كان وقت العشاء جاء غلام لبعض المهالبة الحاضرين بمئزر مقلوب فوضعه بين يدي صاحبه، وإذا فيه بسر مسكّر باكورة، ولم يكن رأوا قبله منه شيئا، وكان فيمن حضر العطويّ الشاعر، فقال للمهلبي: أطعمني فديتك من هذه الباكورة، فتغافل عنه فقال المقيّن صاحب الدار: فأطعمني أنا منها. فتناول منها شيئا فأعطاه، فقال له العطوي: أطعمني ممّا أعطاك، فقال: لا أفعل، فقال في الحال: [من المتقارب]

الصفحة 341