كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

جواريك أطعمنك السكّرا ... وأنزلنك المنزل الأكبرا
ولولا جواريك ما أطعموك ... على قبح وجهك إلا خرا
فضحك كلّ من حضر منه، وأخذ المهلبي جميع ما في المئزر من البسر فرمى به إلى العطوي.
«672» - قال أحمد بن أبي طاهر: خرجت من دار الوزير أبي الصقر القاسم اسماعيل بن بلبل نصف نهار يوم في تموز، فملت إلى دار أبي العباس المبرّد لقربها، فأدخلني خيشا له، وقدّم إليّ شيئا أكلته، وسقاني ماء باردا، وحدثني أحسن حديث إلى أن نمت، فحضرني لشقائي وقلة شكري بيتان فاستأذنته في إنشادهما فقال: ذاك إليك وهو يظنّني مدحته فأنشدته: [من الطويل]
ويوم كحرّ الشوق في صدر عاشق ... على أنّه منه أحرّ وأوقد [1]
ظللت به عند المبرّد قائلا ... فما زلت في ألفاظه أتبرّد
فقال لي: قد كان يسعك إذ لم تحمد أن لا تذمّ، وما لك عندي جزاء إلا إخراجك، ووالله لا جلست، فأخرجني فمشيت إلى منزلي بباب الشام، فمرضت ممّا نالني من الحرّ وقعدت ألوم نفسي.
«673» - حمّ المنصور في بعض الليالي فأرق فقال للربيع: أحتاج إلى إنسان يحدّثني ويؤنسني، فقال: قد وجدته، فقال: من هو؟ قال ابن عياش [2] المنتوف؛ قال: يبرمني بالأسئلة ويضاعف عليّ العلّة، قال: قد أعطيته من مالي ألف درهم وأمرته أن لا يسألك شيئا. قال: هات حدّثني قال: نعم يا أمير
__________
[1] معجم الأدباء: وأومد، ويوم ومد هو يوم شديد الحر مع سكون الريح.
[2] في الأصل: عباس والتصويب عن عيون الأخبار.

الصفحة 342