كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

المؤمنين، خرجت يوما للصيد إلى وادي القرى، فألجأني الحرّ إلى موضع فيه طاق كبير، وإذا بامرأة عجوز جالسة، فقلت لها: هل عندك شيء يؤكل؟ قالت:
لا، وإذا في البيت زنبيل معلّق، فقلت لها: خذي هذه الدراهم فاشتري لي لحما وفاكهة. وخرجت فحذفت الزنبيل بالسيف فسقط قطع العود قد عشب، فأكلته كلّه، وإذا هو أحلى من السكر، فلما رجعت قلت لها: يا كذّابة! زعمت أنّه ليس عندك ما يؤكل، وكان في الزنبيل ما فيه. قالت: أو أكلته؟ فقلت:
نعم. قالت لي: هذه جارية ختّانة كانت تجيء بالبظور فتلقيها في هذا الزنبيل، فهنأك الله ما أكلته. فضحك المنصور ضحكا شديدا وقال: يا ربيع، ادفع إليه ألف درهم. فلما خرج قال ابن عياش للربيع: ارجع إليه وحسّ عرقه، فإني أخشى أن يكون محموما فيرجع فيها إذا أفاق. فعاد الربيع وحدّث المنصور بذلك فقال: أضعفها له وعجّلها.
«674» - قال محمد بن عبد الرحمن العزمي [1] : كنت عند أبي بكر بن عيّاش وجاءه أصحاب الحديث فآذوه فبعث إلى صاحب الربع فجاءه، فقال له:
حاجتك يا أبا بكر؟ قال: أقم هؤلاء عني. قال: وما حالهم؟ قال: قد آذوني فأضجروني. قال: ارفق بهم يا أبا بكر، وقال: فقد قصدوك ولهم حقّ. فغضب وقال: انظروا إلى هذا الشبارك! ثم قال: أتدرون ما الشبارك؟ قالوا: لا. قال:
كانت امرأة بالكوفة ولها زوج قد عسر عليه المعاش، فقالت له: لو خرجت فضربت في البلاد وطلبت من فضل الله. فخرج إلى الشام فتكسّب ثلاثمائة درهم، فاشترى بها ناقة سمينة فارهة، فركبها وسار عليها، فأضجرته وحلف بطلاق امرأته ليبيعها بدرهم يوم يقدم الكوفة، فقالت امرأته: ما جئت به؟ قال:
__________
[1] الجليس الصالح: العرزمي.

الصفحة 343