كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

«681» - وروي عن الأحنف أنه دخل على معاوية يوما فخرجت من داره وصيفة فدخلت بيتا من بيوته، فقال: يا أبا بحر، أنا والله أحبّ هذه الوصيفة وقد أمكنني منها الخلوة لولا مكانك. قال، فقال الأحنف: فأنا أقوم، فقال: لا بل تجلس لئلا تستريب بنا ابنة قرظة؛ وكأنها قد أوذنت به، فقالت للأحنف: يا قوّاد! أين هذا الفاسق؟ فأمأ الأحنف إلى البيت الذي هو فيه: فأخرجته ولحيته في يدها، فقال: الأحنف: ارفقي بأسيرك يرحمك الله. فقالت: يا قوّاد! وتتكلّم أيضا؟! وقام الأحنف فانصرف.
«682» - كان عند إبراهيم الحربي رجل ضرير فقرأ ولم يكن طيّب الصوت فقال إبراهيم: [من الهزج]
هما اثنان إذا عدّا ... فخير لهما الموت
فقير ما له زهد ... وأعمى ما له صوت
683- قال الجاحظ: ما خجّلني إلا امرأة حملتني إلى صائغ فقالت: مثل هذا. فبقيت مبهوتا، فسألت الصائغ، فقال: هي امرأة استعملتني صورة شيطان، فقلت: لا أدري كيف أصوّره، فأتت بك، وقالت: مثله.
684- وقد اتّفق في عصرنا مثل هذا. كان من حواشي دار الخلافة حاجب يعرف بابن الحسام، عظيم الخلقة وحشيّها، ومع هذا يميل إلى النساء ويظنّ أنهنّ يهوينه. فتعرّضت له امرأة وأطمعته في نفسها، وواعدته دكان بعض الصاغة وأن يكون اجتماعهما هناك. فتزيّن وتأهّب وقصد ذلك الدكان ينتظرها، وأبطأت المرأة، فلما فرغ الصائغ من مراده قال له: يا سيدي قم في دعة الله، قال له: ويلك! وما ذاك؟ قال: إن امرأة استعملتني صورة جنّيّ، فقلت: ما رأيت جنّيّا قطّ، فقالت: أنا أنفذ إليك رجلا هو الصورة

الصفحة 348