كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

أحببت أن تريني مقدار قدرتك عليّ، لأن كلّ جديد يستلذّ، فلا بأس أن ترينا من عفوك مقدار ما أريتنا من قدرتك. فأمر بإطلاقه.
ثم لقيه بعد أيام فقال: يا أبا العيناء ما تزورنا حسب نيّتنا فيك؟ فقال: أما نيتك فمتأكدة ولكن أرى أنّ الذي حدد الاستبطاء فراغ حبسك فأحببت ان تشغله بي.
فأبو العيناء اسمه محمد بن القاسم بن خلّاد بن ياسر بن سلمان، وأصلهم من بني حنيفة من اليمامة، لحقهم سبي في أيام المنصور، فلما صار ياسر في يده أعتقه، فصار ولاؤه لبني هاشم، وكنيته أبو عبد الله، ومنشؤه البصرة، وأستاذه الأصمعي. وهو من أهل الأدب، له رسائل مشهورة مدوّنة يشار إليها. وعمّر عمرا طويلا، وعمي في آخر عمره. وهو مطبوع جدا، ونوادره كثيرة مستحسنة قد أوردت في كل باب منها ما يليق به.
843- حضر رجل بباب عضد الدولة وسأله ترتيبه في معيشة، فتقدم بترتيبه صاحب خبر بالمأزمين. فأقام بالموضع مدة طويلة لم يكتب بشيء. فتقدّم عضد الدولة بمكاتبته، وتوعّده على تأخّر مطالعته. فكتب: [ما] فيهما خبر يذكر، وقال: يطوى خبر المأزمين: [من المتقارب]
أأذكر أخبار وحش الفلاة ... أم الجنّ فهي بها أكثر
كأنّ السماء على المأزمين ... رصاص وأرضهما مرمر
وكلّ مقيم بها مدبر ... وصاحب أخبارها أدبر
فرقّ له ووصله واستخدمه في غير ذلك العمل.
«844» - لما رجع أمية [بن عبد الله] بن خالد [بن أسيد] معزولا من خراسان مرّ بخيله من الأهواز وقد وسم عليها «عدّة» ، فحبست هناك. وكتب

الصفحة 394