كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

الفصل الأول آداب الأكل والمؤاكلة
قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
(البقرة: 172) . المعنى: كلوا من الطيّب دون الخبيث، كما لو قال: كلوا من الحلال لكان على معنى: دون الحرام، وهذا بيّن في كلّ ما له ضدّ.
«113» - روي أنّ داود عليه السلام أمر مناديه فنادى: أيّها الناس، اجتمعوا لأعلّمكم التّقوى، فاجتمع الناس، فقام في محرابه فبكى، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيّها الناس، لا تدخلوا ههنا إلا طيّبا ولا تخرجوا منه إلا طيّبا، وأشار إلى فيه.
114- قال تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(البقرة: 173) . فالميتة ما فارقته الروح بغير تذكية ممّا أبيح أكله بالتّذكية.
ويخرج من هذا دوابّ البحر والجراد بالسّنّة. والدم هو الدم المسفوح دون دم الكبد والطّحال بدلالة قوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ
(الأنعام: 145) .
والإهلال بالذبيحة: رفع الصوت بالتسمية، وكان المشركون يسمّون الأوثان، والمسلمون يسمّون الله عزّ وجلّ. وأصل الإهلال: الصوت، ومنه يقال: استهلّ الصبيّ إذا صاح حين تضعه أمّه، ومنه إهلال المحرم بالحجّ إذا لبّى.

الصفحة 81