كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فأوّل آداب الأكل معرفة الحلال من الحرام، والخبيث من الطيّب. وهذا نوع يطول إن أريد استقصاؤه، وهو بغير هذا الكلام أليق.
فأما الأدب في هيئة المؤاكلة وأفعالها، فأنا ذاكر منها ما يحضرني.
«115» - قال أبو هريرة: ما عاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم طعاما قطّ، إن اشتهاه [أكله] وإلا تركه.
«116» - وقال صلّى الله عليه وسلم: لا تشمّوا الطعام كما تشمّه البهائم، من اشتهى شيئا فليأكل، ومن كره فليدع.
«117» - قال أنس: قدم النبيّ صلّى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشرة، ودخل [علينا دارنا] [1] فحلبنا له شاة فشرب وأبو بكر عن يساره وأعرابيّ عن يمينه، فقال عمر: أعط أبا بكر، فقال عليه الصلاة والسلام: لا، الأيمن فالأيمن.
وفي معنى هذا الخبر قال الشاعر: [من الوافر]
وكان الكاس مجراها اليمينا
«118» - وفي حديث عكراش بن ذؤيب قال: أتيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم بصدقات مرّة بن عبيد، فقدمت عليه إلى المدينة بإبل كأنّها عروق الأرطى، فأمر بها فوسمت بميسم الصدقة، ثم أخذ بيدي في نواحيها، فأكل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما بين يديه، وقبض على يدي بيده اليسرى ثم قال: يا عكراش، كل من موضع واحد، فإنّه طعام واحد. ثم أتينا بطبق فيه ألوان من رطب، فجعلت آكل من بين
__________
[1] بياض في م والزيادة من صحيح مسلم.

الصفحة 82