كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

والجوع. وكان يقول: جوع التوابين تجربة، وجوع الزاهدين سياسة، وجوع الصدّيقين تكرمة.
«176» - قال حاتم الأصمّ: ما من صباح إلا والشيطان يقول: ما تأكل؟
وما تلبس؟ وأين تسكن؟ فأقول: آكل الموت، وألبس الكفن، وأسكن القبر.
«177» - قال عامر بن قيس [1] يوما: أتاني الشيطان فقال لي: ما في يدك؟
فقلت: ما يكفيني اليوم، قال: فغدا؟ قلت: أموت، فخصمته.
«178» - وقال الجنيد: مرّ بي الحارث بن أسد المحاسبيّ، فرأيت فيه أثر الجوع، فقلت: يا عمّ، تدخل الدار وتتناول شيئا؟ وقدّمت إليه طعاما حمل إليّ من عرس، فأخذ لقمة ونهض، فألقاها في الدهليز ومضى. فالتقيت به بعد أيّام فقلت له في ذلك، فقال: كنت جائعا، وأردت أن أسرّك بأكلي وأحفظ قلبك، ولكن بيني وبين الله علامة: أن لا يسوّغني طعاما فيه شبهة، فمن أين كان ذلك الطعام؟ فأخبرته، ثم قلت له: تدخل اليوم؟ قال: نعم. فقدّمت إليه كسرا كانت لنا، فأكل وقال: إذا قدّمت إلى فقير شيئا، فقدّم مثل هذا.
179- قال المنتجع بن نبهان: سألت بعض أهل اليمامة: كيف ضبطتم القرى؟ فقال: لا نتكلّف ما ليس عندنا.
180- وكان صفوان بن محرز يقول: إذا أتيت أهلي، فقرّبوا إليّ رغيفا فأكلته وشربت عليه من الماء، فعلى الدنيا العفاء.
181- ويقال: المروءة أن لا تدّخر ولا تعتذر.
«182» - وروي أنّ عمرو بن العاص قال لمعاوية وأصحابه يوم الحكمين:
__________
[1] حلية الأولياء: ابن عبد قيس.

الصفحة 93