كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 9)

فأعلن دعوته واشتد في إنكاره مظاهر الشرك والبدع وجد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبذل النصح للخاص والعام، ونشر شرائع الإسلام وجدد سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولم يخش في الحق لومة لائم، وحذر الناس والعلماء منهم خاصة تحقق وعيد الله في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)} (¬1).
فذاع ذكره في جميع بلدان العارض: في حريملا والعيينة والدرعية والرياض ومنفوحة، وأتى إليه ناس كثيرون وانتظم حوله جماعة اقتدوا به واتبعوا طريقه ولازموه وقرأوا عليه كتب الحديث والفقه والتفسير. وصنف في تلك السنين كتاب التوحيد.
وانقسم الناس فيه فريقين: فريق تابعه وبايعه وعاهده على ما دعا إليه، وفريق عاداه وحاربه وأنكر ذلك عليه وهم الأكثر.
وكان رؤساء أهل حريملا قبيلتين أصلهما قبيلة واحدة، وكان كل فريق يدعي لنفسه القوة والغلبة والكلمة العليا، ولم يكن لهم رئيس واحد يزع الجميع. وكان في البلد عبيد لأحد القبيلتين، كثر تعديهم وفسقهم، فأراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن يمنعهم عن الفساد وينفذ فيهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم العبيد أن يفتكوا بالشيخ ويقتلوه سرا بالليل، فلما تسوروا عليه الجدار علم بهم الناس فصاحوا بهم فهربوا.
¬_________
(¬1) البقرة الآية (159).

الصفحة 10