كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

الحديث، روى ابن أبي ذئب والأوزاعي، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة بالوتر يسلم بين كل ركعتين (¬1).
فإن قلت: إذا كان يفصل بالسلام فما الحكمة في الجمع؟
قلتُ: لينبه على أن صفتهما وطولهما من جنس واحد وأن الآخر بعدها ليست من جنسها وإن كانت أخذت من الحسن والطول حظها.
وقيل في قولها: (يُصَلِّي أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْبَعًا ثُمَّ ثَلَاثًا). أي: أنه كان ينام بينهن.
وروي نحوه عن ابن عباس، وفيه دلالة على جواز فعل ذلك، بل هو عند أبي حنيفة: أفضل التطوع أن يصلي أربعًا بتسليمة (¬2). واحتج من قَالَ ذلك بحديث الليث، عن ابن أبي مليكة، عن يعلى، عن أم سلمة أنها وصفت صلاته - صلى الله عليه وسلم - بالليل وقراءته فقالت: كان يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام ثم ينام قدر ما صلى، ثم يقوم فيوتر (¬3).
¬__________
(¬1) رواه النسائي في "السنن الكبرى" 1/ 512 (1649).
(¬2) انظر: "بدائع الصنائع" 1/ 294، "تبيين الحقائق" 1/ 172.
(¬3) رواه أبو داود (1466) باب: استحباب الترتيل في القراءة، والترمذي (2923) باب: ما جاء كيف كان قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ والنسائي في "المجتبى" 2/ 181، 3/ 214، وأحمد في "مسنده" 6/ 294، و 6/ 300.وابن خزيمة في "صحيحه" 2/ 188 (1158) باب: الترتل بالقراءة في صلاة الليل. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 201، وفي "شرح مشكل الآثار" كما في "تحفة الأخيار" 8/ 198 (5847). وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" 3/ 141 (554) نعت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والحاكم في "المستدرك" 1/ 309، 310 كتاب: صلاة التطوع.
كلهم من طريق الليث عن عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة عن يعلى أنه سأل أم سلمة. الحديث.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سعد عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن بملك عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُقطِّع =

الصفحة 112