كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

وذهبت طائفة إلى أنها ليست سنة، وإنما كانت راحة لطول قيامه، واحتجوا بالحديث الثاني عن عائشة، وقد قَالَ ابن القاسم عن مالك: إنه لا بأس بها إن لم يرد بها الفضل. وقال الأثرم: سمعت أحمد يسأل عنها فقال: ما أفعله أنا، فإن فعله رجل. ثم سكت، كأنه لم يعبه إن فعله. قيل له: لمَ لمْ تأخذ به؟ قَالَ: ليس فيه حديث يثبت. قلتُ له: حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قَالَ: رواه بعضهم مرسلًا (¬1).
وقال ابن العربي: إنه معلول؛ لم يسمعه أبو صالح من أبي هريرة، وبين الأعمش وأبي صالح كلام (¬2).
وذكر البيهقي أن الأول في رواية أبي هريرة فكأنه فعله - صلى الله عليه وسلم -؛ للرواية التي هي عن محمد بن إبراهيم، عن أبي صالح سمعت أبا هريرة يحدث مروان بن الحكم، أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يفصل بينها وبين الصبح بضجعة على شقه الأيمن (¬3).
وذكر الأثرم من وجوه عن ابن عمر أنه أنكره، وقال: إنها بدعة.
وعن إبراهيم (¬4) وأبي عبيدة وجابر بن زيد، أنهم أنكروا ذلك، ومشهور مذهب مالك أنها لا تسن (¬5). وقال عياض في هذا الاضطجاع: الاضطجاع بعد صلاة الليل وقبل ركعتي الفجر.
¬__________
= الصلاة، باب: ما ورد في الاضطجاع عند ركعتي الفجر.
وصححه النووي -كما سيأتي، والألباني في "صحيح أبي داود" (1146) قائلًا: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(¬1) انظر: "التمهيد" 8/ 125 - 126.
(¬2) "عارضة الأحوذي" 2/ 217.
(¬3) "السنن الكبرى" 3/ 45 الصلاة، باب ما ورد في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
(¬4) رواه ابن أبي شيبة 2/ 54 (6386) كتاب: الصلوات، باب: من كرهه 2/ 55 (6392).
(¬5) انظر: "المنتقى" 1/ 215.

الصفحة 146