كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

واختلف في معناه فقيل: القائم بخلقه المدثر لهم. وقيل: الذي لا يزول. كما تقدم، وأصله: قَيْوِم على وزن فيعل مثل صيِّب، وهذا قول البصريين.
وقال الكوفيون: أصل قيم: قويم، قَالَ ابن كيسان: ولو كان كذلك ما جاز تغييره، كما لم يغير سويق وطويل.
وقال ابن الأنباري: أصل القيوم: القَيْووم، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن جعلنا ياءً مشددة، وأصل القيام: القَيْوَام. قَالَ الفراء: وأهل الحجاز يصرفون الفعال إلى الفيعال، ويقولون للصواغ: صياغ (¬1). وقيل: (قيام). على المبالغة من (قام) بالشيء: إذا هيأ له ما يحتاج إليه. وقيل فيهما: خالقهما وممسكهما أن يزولا.
وقوله: ("وَمَنْ فِيهِنَّ") أي: أنت القائم على كل نفسٍ بما كسبت وخالقها ورازقها ومميتها ومحييها. وقيل في معنى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33] أفمن هو حافظ على كل نفس لا يغفل ولا يمل، فالمعنى: الحافظ لهما ومن فيهن (¬2).
وقوله: ("أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ومن فيهن") أي: بنورك يهتدي من في السموات والأرض. قاله ابن بطال (¬3).
وقال ابن التين: يحتمل أن يكون من قوله تعالى: {اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] قيل: معناه: ذو نور السموات والأرض. وروي عن ابن عباس معناه: هادي أهلهما (¬4).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 1/ 190.
(¬2) ورد بهامش الأصل: ثم بلغ في الرابع والتسعين كتبه مؤلفه.
(¬3) "شرح ابن بطال" 3/ 109.
(¬4) رواه الطبري في "تفسيره" 9/ 320 (26085).

الصفحة 17