كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

وروي عنه أيضًا وعن مجاهد: معناه: مدبرهما، شمسهما وقمرهما ونجومهما (¬1). وقال ابن عرفة: {نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] أي: منيرهما (¬2). فعلى قول من قَالَ: معناه: ذو نور، فنوره القرآن. وقال كعب: محمد (¬3). فهو يعود إلى أنه ذو النور الذي هدى به أهل السموات والأرض. ويحتمل على هذا الوجه أن يكون معناه: ذو النور الذي أضاءت السموات والأرض به. وإن قلنا: معناه: هادي أهلهما. فيحتمل أن يكون معناه: أن الهدى الذي يهدي به منير، نير في نفسه، ويحتمل أن يريد أنه ينير قلوب المؤمنين.
وإذا قلنا: معناه: مدبرهما، فمعناه به يكون ومن خلقه وتدبيره الشمس والقمر والنجوم التي هي تنيرهما، ويحتمل أن يكون: النور الذي بمعنى: الهداية، وأنه بتدبيره تعالى يهتدون، وقرئ: (الله نَوَّر السموات والأرض). بفتح النون والواو مشددة. وقيل: منزه فيهما من كل عيب، ومبرأ من كل ريبة. وقيل: إنه اسم مدح، يقال: فلان نور البلد وشمس الزمان. وقال أبو العالية: مزينهما بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والأولياء والعلماء (¬4).
وقوله: ("أنت مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ") أي: مالكهما ومالك من فيهما، وخالقهما وما فيهما، وهو تكذيب لمن قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181].
وقوله: ("أَنْتَ الحَقُّ") هو اسم من أسمائه وصفة من صفاته،
¬__________
(¬1) "تفسير الطبري" 9/ 320 - 321 (26085).
(¬2) "تفسير البغوي" 3/ 345، و"تفسير القرطبي" 12/ 257.
(¬3) "تفسير الطبري" 9/ 322 (26093).
(¬4) "تفسير القرطبي" 12/ 257.

الصفحة 18