كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

مسلمًا لا مؤمنًا. قَالَ تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} [الحجرات: 14] الآية. فأثبت لهم الإسلام ونفي عنهم الإيمان فتقرر أن ما أثبت غير ما نفى، ومن قَالَ: الإيمان هو الإسلام فهو راجع إلى ذلك.
وقوله: ("وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ") أي: تبرأت من الحول والقوة، وصرفت أمري إليك، وأيقنت أنه لن يصيبني إلا ما كتب لي، وفوضت أمري إليك، ونعم المفوض إليه. قَالَ الفراء: {الْوَكِيلُ}: الكافي.
وقوله: ("وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ") أي: أطعت أمرك، والمنيب: المقبل بقلبه إلى الرب جل جلاله، فأنا راجع إليك. أي: في تدبير ما فوضته إليك أو إلى عبادتك.
وقوله: ("وَبِكَ خَاصَمْتُ") أي: بما آتيتني من البراهين، احتججت على من عاند فيك وكفر، وجمعته بالحجة، وسواء خاصم فيه بلسان أو سيف.
وقوله: ("وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ") يعني: إليكَ احتكمت مع كل من أبى قبول الحق والإيمان، لا غيرَكَ ممن كانت الجاهلية تحاكم إليه من صنم وكاهن وغير ذلك، فأنت الحكم بيني وبين من خالف ما جئت به، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول عند القتال: "اللهم أنزل الحق" ويستنصر. وقيل: ظاهره: لا نحاكمهم إلا إلى الله ولا نرضى إلا بحكمه. قَالَ تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89] وقال: {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} [الأنعام: 114].
وقوله: ("فَاغفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ .. " إلى آخره).

الصفحة 21