كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

وذكر أيضًا حديث عتبان بن مالك أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى في بيته سبحة الضحى، وقاموا وراءه فصلوا (¬1). ثم قَالَ: وقد كان الزهري يفتي بحديث عائشة ويقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل الضحى قط، وإنما كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلونها بالهواجر، ولم يكن عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وابن عمر يصلونها ولا يعرفونها. قَالَ ابن عمر: وإنما صلاة القوم بالليل. وقال طاوس: أوَّل من صلاها الأعراب. وقال ابن عمر: ما صليتها منذ أسلمت. أخرجه عبد الرزاق (¬2).
وروى معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه قَالَ: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئًا أحب إليَّ منها، وهذا نحو قول عائشة.
ثم ذكر حديث معاذة عنها في صلاتها وقال: إنه منكر غير صحيح عندي (¬3). وهو مردود، وقد علمت أن مسلمًا أخرجه (¬4).
وجمع النووي بين حديث إثباتها ونفيها أنه كان يصليها وقتًا؛ ويتركها وقتًا خشية الافتراض كما ذكرت عائشة، ويُتأول قولها: (ما كان يصليها إلا أن يجيء من مغيبه): على أن معناه: ما رأيته -كما قالت في الرواية الثانية- ما رأيته يصلي سبحة الضحى.
¬__________
= مكحول عن كثير بن مرة عن نعيم بن همار قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يقول الله -عز وجل-: يا ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات في أول نهارك أكفك آخره".
قال النووي في "المجموع" 3/ 531، وفي "الخلاصة" 1/ 569 (1928): إسناده صحيح. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1167).
(¬1) سلف برقم (425)، ورواه مسلم (33/ 263).
(¬2) "المصنف" 3/ 81 (4879).
(¬3) انتهى كلام ابن عبد البر بتصرف. "التمهد" 8/ 134 - 145.
(¬4) مسلم (719) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى ..

الصفحة 44