كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

وقال عياض: إنه الأشبه عندي في الجمع (¬1).
وقال القرطبي: يحتمل أن يقال: إنما أنكرت عائشة الاجتماع لها في المسجد -أي: وإنما سنتها البيت- وهو الذي قَالَ فيه عمر: بدعة.
قال: وقد روي عن أبي بكر وعمر وابن مسعود أنهم كانوا لا يصلونها. قَالَ: وهذا إن صح محمول على أنهم خافوا أن تتخذ سنة، أو يظن بعض الجهال وجوبها، ويحتمل أنها بدعة. أي: حسنة.
كما قَالَ في قيام رمضان. وقد روي عنه: ما ابتدع المسلمون بدعة أفضل من صلاة الضحى. وهذا منه نص على ما تأولناه.
قَالَ: وقول عائشة: (وَإِنِّي لأُسَبِّحُهَا) بالسين المهملة والباء الموحدة، وهي الرواية المشهورة، أي: لأفعلها (¬2).
قلتُ: وفي "الموطأ" -كما عزاه ابن الأثير-: أنها كانت تصليها ثماني ركعات، وروي عنها: لو نشر إليَّ أبواي من قبري ما تركتها (¬3).
قَالَ: وقد وقع في "الموطأ": لأستحبها. من الاستحباب، والأول أولى (¬4).
ولعلها سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - الحض عليها، وأنه إنما تركها -يعني: المداومة عليها- لأجل ما ذكرته قبل، وهذا يشكل على ما صححه أصحابنا من أن الضحى كانت واجبة عليه وعلى أمته، ومن شأنه أنه إذا عمل عملًا أثبته.
¬__________
(¬1) "إكمال المعلم" 3/ 53.
(¬2) "المفهم" 2/ 356 - 357.
(¬3) "الموطأ" ص 113، بلفظ: نشر لي.
(¬4) هذا من تتمة كلام القرطبي في "المفهم" 2/ 357.

الصفحة 46