كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

مالك: كان ربيعة وغير واحد من علمائنا ينصرفون ولا يقومون مع الناس، وأنا أفعل ذلك، وما قام - صلى الله عليه وسلم - إلا في بيته (¬1). وذكر ابن أبي شيبة عن ابن عمر وسالم وعلقمة والأسود أنهم كانوا لا يقومون مع الناس في رمضان (¬2). وقال الحسن البصري: لأن تفوه بالقرآن أحبُّ إليك من أن يفاه عليك (¬3).
ومن الحجة لهم أيضًا حديث زيد بن ثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - حين لم يخرج إليهم قَالَ لهم: "إني خشيت أن تفرض عليكم، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" أخرجه مسلم (¬4)، فأخبر أن التطوع في البيت أفضل منه في المسجد لا سيما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجده.
وخالفهم آخرون فقالوا: صلاتها في الجماعة أفضل. قَالَ الليث: لو أن الناس في رمضان قاموا لأنفسهم وأهليهم حَتَّى تترك المساجد حَتَّى لا يقوم (أحد) (¬5) فيها، لكان ينبغي أن يخرجوا إلى المسجد حَتَّى يقوموا فيه (¬6). لأن قيام الليل في رمضان الأمر الذي لا ينبغي تركه، وهو مما سن الفاروق للمسلمين وجمعهم عليه. وذكر ابن أبي شيبة عن عبد الله ابن السائب قَالَ: كنت أصلي بالناس في رمضان، فبينما أنا أصلي سمعت تكبير عمر على باب المسجد، قدم معتمرًا، فدخل فصلى
¬__________
(¬1) انظر: "التمهيد" 4/ 98.
(¬2) روى ذلك عنهم ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 168 (7713 - 7714، 7717).
(¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 168 (7718).
(¬4) برقم (781) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد.
(¬5) من ابن بطال 3/ 119.
(¬6) عزاه لليث ابن قدامة في "المغني" 1/ 426.

الصفحة 48