كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

قَالَ: وقد أجمعوا على أنه لا يجوز تعطيل المساجد عن قيام رمضان، فصار هذا القيام واجبًا على الكفاية، فمن فعله كان أفضل ممن انفرد، كالفروض التي على الكفاية، أما الذين لا يصبرون ولا يقوون على القيام فالأفضل لهم حضورها؛ ليسمعوا القرآن وتحصل لهم الصلاة، ويقيموا السُّنَّة التي قد صارت علمًا. ذكره ابن القصار، وهو مقالة عندنا.
وفي حديث أم سلمة وعلي -السالفين أول الباب- دلالة على فضل صلاة الليل، وإنباه النائمين من الأهل والقرابة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أيقظ لها عليًّا وابنته من نومهما؛ حثًّا لها على ذلك في وقت جعله الله لخلقه سكنًا لما علم عظم ثواب الله تعالى عليها، وشرفت عنده منازل أصحابها اختار لهم إحراز فضلها على السكون والدعة، وأيقظهن ليخبرهن بما أُنزل؛ ليزدادوا خشوعًا؛ وليصلوا ليلًا. قالت عائشة: وإذا أراد أن يوتر أيقظني (¬1).
وفيه: السمر بالعلم.
وفي حديث عليًّ رجوع المرء عما ندب إليه إذا لم يوجب ذلك، وأنه
ليس للعالم والإمام أن يشتد في النوافل.
وقوله: (أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ) كلام صحيح قنع به - صلى الله عليه وسلم - من العذر في النافلة، ولا يعذر بمثل هذا في الفرض.
وقوله: (أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ) هو كقول بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك (¬2). وهو معنى قوله تعالى: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} [الزمر: 42]
¬__________
(¬1) سلف برقم (512) باب: الصلاة خلف النائم.
(¬2) رواه مسلم (680) كتاب: المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائته واستحباب تعجيل قضائها.

الصفحة 50