"إنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن" (¬1). وذلك مثل قوله: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قام على القليب يوم بدر، وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم: "إنهم يسمعون ما أقول" وقد وهل، وإنما قَالَ: "إنهم ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق" حَتَّى نزلت {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ المَوْتَى} [النمل: 80] {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي القُبُورِ} [فاطر: 22] يقولون حين تبوءوا مقاعدهم من النار (¬2). وفي لفظ: يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب، ولكن نسي أو أخطأ (¬3)، وكل هذِه الألفاظ في الصحيح، وأجاب بعضهم بأن حديث عمر وابنه مجمل فسرته عائشة.
وفيه نظرٌ من وجوه بيَّنها ابن الجوزي:
أحدها: أن الذي روته عائشة حديث وهذا حديث، ولا تناقض بينهما، لكل واحد منهما حكمه.
ثانيها: أنها أنكرت برأيها، وقول الشارع عند الصحة لا يلتفت معه إلى رأي أحد.
ثالثها: أن ما ذكرته لا يحفظ عن غيرها، وحديث عمر محفوظ عنه (¬4) وعن ابنه (¬5) والمغيرة (¬6)، وهم أولى بالضبط.
وقد اختلف العلماء في معنى تعذيبه ببكاء أهله عليه على أقوال:
¬__________
(¬1) سيأتي برقم (3978) كتاب: المغازي، باب: قتل أبي جهل.
(¬2) سيأتي برقم (3979) كتاب: المغازي، باب: قتل أبي جهل.
(¬3) رواه مسلم (932) كتاب: الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهل عليه.
(¬4) حديث الباب (1286).
(¬5) أحاديث الباب أيضًا (1287 - 1290).
(¬6) يأتي برقم (1291)، ورواه مسلم (933).