كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

رابعها: قَالَ القرطبي: وقوله: ("ورثتك") دلالة على أنه كان له ورثة غير الابنة المذكورة (¬1). قلتُ: ليس صريحًا فيه.
خامسها: جاء في "الصحيح": أخلف بعد أصحابي (¬2). أي: أخلف بمكة بعد أصحابي المهاجرين المنصرفين معك. قاله أبو عمر. قَالَ: ويحتمل أن يكون لما سمع الشارع يقول: "إنك لن تنفق نفقة" وتنفق: فعل مستقبل، أيقن أنه لا يموت من مرضه ذاك أو ظنه فاستفهمه، هل يبقى بعد أصحابه؟ فأجابه بضرب من قوله: "لن تنفق نفقة تبتفي بها وجه الله".
وقوله: ("إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا .. ") إلى آخره (¬3). وقال القرطبي: هذا الاستفهام إنما صدر من سعد مخافة المقام بمكة إلى الوفاة فيكون قادحًا في هجرته، كما جاء في بعض الروايات: خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها. فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك لا يكون وإن طال عمره (¬4). وقال القاضي عياض: حكم الهجرة باق بعد الفتح لهذا الحديث (¬5).
وقيل: إنما كان ذلك لمن كان هاجر قبل الفتح، فأما من هاجر بعده فلا، وأبعد من قَالَ: إن وجوب الهجرة واستدامتها قد ارتفع يوم الفتح، وإنما لزم المهاجرون المقام بالمدينة بعد الهجرة؛ لنصرته - صلى الله عليه وسلم - والأخذ
¬__________
(¬1) "المفهم" 4/ 545.
(¬2) سيأتي برقم (3936) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم".
(¬3) "التمهيد" 8/ 387.
(¬4) "المفهم" 4/ 547.
(¬5) "إكمال المعلم" 5/ 365.

الصفحة 552