كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

يشيران إلى التفرد بالسند لا المتن؛ لأن المتن رواه عن أنس عندهما أنس ابن سيرين، وثابت عند مسلم (¬1)، وحميد عند أبي نعيم (¬2)، وعبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عند الإسماعيلي، وللبخاري: فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أعرستم الليلة؟ " قَالَ: نعم، قَالَ: "اللهم بارك لهما". فولدت غلامًا فقال لي أبو طلحة: أحمله حَتَّى تأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعث معه بتمرات، فحنكه وسماه عبد الله (¬3). ولمسلم: لما مات قالت لأهلها: لا تخبروا أبا طلحة بابنه حَتَّى أكون أنا أخبره، فجاء فقربت له عشاءً، فأكل وشرب، ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، فوقع بها، فقالت: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قومًا أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قالت: فاحتسب ابنك. الحديث (¬4).
وروى معمر، عن ثابت، عن أنس أنه لما جامعها قالت له ذلك (¬5)، وللإسماعيلي: وكان أبو طلحة صائمًا. وللبيهقي: وكان أبو طلحة يحب الابن، ولأبي داود: "يبارك لكما في غابر ليلتكما" (¬6).
إذا تقرر ذلك، فالكلام على ذلك من أوجه:
أحدها:
البث في الآية: أشد الحزن قَالَ بعض السلف: قول العبد: إنا لله وإنا إليه راجعون. كلمة لم يعطها أحد قبل هذِه الأمة، ولو علمها
¬__________
(¬1) "مسلم" (2144) كتاب: الأدب، باب: استحباب تحنيك المولود عند ولادته.
(¬2) "الحلية" 2/ 57.
(¬3) سيأتي برقم (5470) كتاب: العقيقة، باب: تسمية المولود.
(¬4) مسلم 1244/ 107 بعد حديث (2457) كتاب: "فضائل الصحابة" باب: من فضائل أبي طلحة الأنصاري رضي الله تعالى عنه.
(¬5) رواه عبد بن حميد في "المنتخب" 3/ 120 - 121.
(¬6) رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" 3/ 533 (2168).

الصفحة 567