كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 9)

وأما قوله: (وفيها تكبير وتسليم). فهو كما قَالَ. لكن اختلف هل يسلم واحدة أو اثنتين؟ فقال كثير من أهل العلم: يسلم واحدة، روي ذلك عن علي، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وأبي هريرة، وأبي أمامة بن سهل، وأنس، وجماعة من التابعين، وقد سلف قبيل الإذن بالجنازة أيضًا (¬1)، وهو قول مالك، وأحمد، وإسحاق: فيسلم خفية (¬2). كذا روي عن الصحابة والتابعين إخفاؤها. وعن مالك: يسمع بها من يليه (¬3). والمشهور عندهم أن المأموم يسلم أيضًا واحدة لا اثنتين (¬4). وقال الكوفيون: يسلم تسليمتين (¬5). واختلف قول الشافعي على القولين (¬6)، والأظهر: ثنتان (¬7). وبواحدة قَالَ أكثر العلماء؛ لبنائها على التخفيف، فعليه يلتفت يمينة ويسرة، والأشهر: لا، بل يأتي بها تلقاء وجهه (¬8).
وهل يقتصر على: السلام عليكم، طلبًا للاختصار، أم يستحب زيادة: ورحمة الله؟ فيه وجهان لأصحابنا (¬9)، أصحهما الثاني. ولا يكفي: السلام عليك على الراجح، ولا يجب به الخروج على الأصح (¬10).
¬__________
(¬1) رواها ابن أبي شيبة 2/ 499 - 500 (11491 - 11493)، (11498)، (11500) كتاب: الجنائز، باب: في التسليم على الجنازة كما هو.
(¬2) انظر: "الكافي" ص 84، "المغني" 3/ 418.
(¬3) "الموطأ" 1/ 396 (1002) كتاب: الجنائز، باب: الاختفاء.
(¬4) انظر: "المعونة" 1/ 198، "حاشية العدوي على الكفاية" 1/ 375.
(¬5) انظر: "مختصر الطحاوي" ص 42، "الاختيار" 1/ 124.
(¬6) ورد بهامش الأصل: هذان القولان في الجديد، وبالاقتصار على واحدة قال في "الإملاء".
(¬7) انظر: "روضة الطالبين" 2/ 127.
(¬8) انظر: "المجموع" 5/ 200، "الإنصاف" 6/ 158.
(¬9) ورد بهامش الأصل ما نصه: قال في "الروضة" في زيادة: ورحمة الله، فيه تردد، حكاه أبو علي.
(¬10) انظر: "المجموع" 5/ 200.

الصفحة 616