[الإسراء: 79] فوجب طلب الدليل من السنة على أحد المعنيين، فوجدنا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا واجب من الصلوات إلا الخمس.
قَالَ أبو عمر: قول بعض التابعين: قيام الليل فرضًا (¬1)، ولو كقدر حلب شاة، قولٌ شاذ متروك؛ لإجماع العلماء أن قيام الليل نسخ بقوله: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] الآية (¬2).
وقد أسلفنا أن الأصح عندنا نسخه في حقه - صلى الله عليه وسلم -.
ومعنى الآية السالفة: التقدير -والله أعلم- أنه منصوب بإضمار فعل كأنه قَالَ تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} [المزمل: 2] فعلم تعالى أن هذا الليل يختلف الناس في تقديره على قدر أفهامهم وطاقتهم على القيام، فقال: أو انقص من نصف الليل بعد إسقاط ذلك القليل قليلًا أو زد عليه، وكان هذا تخييرًا من الله تعالى إرادة الرفق بخلقه والتوسعة عليهم، {وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا}: اقرأه على ترتيل، قاله مجاهد.
{قَوْلًا ثَقِيلًا} حرامه وحلاله، قاله مجاهد، وقال الحسن: العمل به (¬3).
{نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} بعد النوم. أي: ابتداء عمله شيئًا بعد شيء، وهو من نشأ إذا ابتدأ، وقد سلف، وفيه ما فيه من الخلاف. {أَشَدُّ وَطْئًا}: أمكن موقعًا، وقد سلف ما فيه. قَالَ قتادة: أثبت في الخير وأشد في الحفظ للتفرغ بالليل (¬4). ومن قرأ: وطْأً. فالمعنى: أشد مهادًا للتصرف في التفكر والتدبر، قاله مجاهد (¬5)، يواطئ السمع والبصر والقلب.
¬__________
(¬1) فوقها في الأصل: كذا.
(¬2) "التمهيد" 8/ 124 - 125.
(¬3) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 12/ 281 (35190).
(¬4) رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 283 (35214، 35215).
(¬5) "تفسير الطبري" 12/ 284 (35219 - 35223).