كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 9)

وأما الإجماع، فمن ذلك أن أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- وكذلك الصحابة والأئمة من بعده وسائر الفقهاء جعلوا في الشروط المشروطة على أهل الذمة من النصارى وغيرهم فيما شرطوه على أنفسهم: أن نوقر المسلمين، ونقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم، كسوة أو عمامة، أو نعلين (¬١) .. إلى آخر الشروط.
وروى الحافظ أبو الشيخ الأصفهاني في شروط أهل الذمة بإسناده: أن عمر -رضي الله عنه- كتب: أن لا تكاتبوا أهل الذمة، فيجري بينكم وبينهم المودة، ولا تُكْنوهم وأذلوهم ولا تظلموهم (¬٢).
ومن ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه قال: «من بنى ببلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة» (¬٣). وغير
---------------
(¬١). قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٣٦٣ - ٣٦٥): رواه حرب [وهو الكرماني [بإسناد جيد، وقال محققه د. ناصر العقل: أخرج البيهقي أكثره مع اختلاف في السياق بسنده في السنن الكبرى، كتاب الجزية باب الإمام يكتب كتاب الصلح على الجزية (٩/ ٢٠٢). وانظر أحكام أهل الذمة لابن القيم ص ٤٥٢ - ٤٥٣، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا (١/ ٣٦٥): وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم، وهي مجمع عليها في الجملة بين العلماء من الأئمة المتبوعين وأصحابهم وسائر الأئمة.
(¬٢). نقلًا عن اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٣٦٧)، وانظر أحكام أهل الذمة لابن القيم -رحمه الله- ص ٤٥٢ - ٤٥٥.
(¬٣). سنن البيهقي الكبرى (٩/ ٢٣٤)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وروي بإسناد صحيح عن أبي أسامة حدثنا عون عن أبي المغيرة عن عبد الله ابن عمرو -رضي الله عنهما- قال: من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حُشر معهم يوم القيامة. اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٢٠٠).

الصفحة 364