كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 9)
باتت تحرس في سبيل الله، روى الترمذي في سننه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّه، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله» (¬١).
سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: هل الأفضل المجاورة بمكة أو بمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ أو بمسجد الأقصى؟ أو بثغر من الثغور لأجل الغزو؟
فأجاب -رحمه الله-: «المرابطة بالثغور أفضل من المجاورة في المساجد الثلاثة كما نص على ذلك أئمة الإسلام عامة، وقال أيضًا: ما أعلم في ذلك خلافًا بين العلماء (¬٢)، وليست هذه المسألة عند من يعرف دين الإسلام، ولكن لكثرة ظهور البدع في العبادات وفساد في الأعمال صار يخفى مثل هذه المسألة عن كثير من الناس، فالثغور هي البلاد المتاخمة (¬٣)
للعدو من المشركين وأهل الكتاب، التي يخيف العدو أهلها، ويخيف أهلها العدو، والمرابطة بها أفضل من المجاورة بالحرمين باتفاق المسلمين، كيف والمرابطة بها -أي في ثغور المسلمين- فرض على المسلمين، إما على الأعيان، وإما على الكفاية، وأما المجاورة فليست واجبة على المسلمين (¬٤).أهـ
---------------
(¬١). برقم ١٦٣٩ وقال: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- حديث حسن غريب، وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله- في صحيح الجامع الصغير برقم ٤١١٣.
(¬٢). مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٧).
(¬٣). مجموع الفتاوى (٢٨/ ٤١٨).
(¬٤). مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٧).